تأتي أهمية البحث من أهمية موضوعه؛ ذلك أن المصالح المحمية في العقاب على جريمة استهداف إثارة الحرب الأهلية تمثل مصالح عليا في أي دولة، إذ إن كلا من شرعية السلطة في الدولة والوحدة الوطنية، والسلم الاجتماعي تمثل أسساً جوهرية لا غنى لأي دولة عنها، و من ثم يصبح من الضروري تحديد مفهوم هذه المصالح المحمية بتجريم استهداف إثارة الحرب الأهلية بغية تحديد إطار قانوني لها، ومن ثم رسم سياسة جنائية كفيلة بتوفير الحماية الجنائية الناجعة لهذه المصالح؛ لأنه بدون بيان مفهوم هذه المصالح، و تحديد إطارها القانوني يصبح من العسير جدا صياغة نصوص عقابية تضفي الحماية الجنائية عليها بالشكل الذي يوفر لها الحماية من الناحية النظرية، ومن الناحية العملية، فضلا عن ذلك فإن أهمية هذا البحث تكمن في محاولة تحديد سياسة جنائية تأخذ بنظر الاعتبار أهمية المصالح المحمية بتجريم استهداف إثارة الحرب الأهلية؛ وذلك من خلال بيان نطاق هذه المصالح، ومن ثم إضفاء الحماية عليها في نص عقابي واحد أحيانا، وفي نصوص متعددة في حالات أخرى على النحو الذي يوفر حالة من التكامل بين مختلف صور الحماية القانونية الدستورية والجنائية وغيرها، بما يوفر أقصى درجات الحماية للمصالح المحمية؛ ذلك أن صور الحماية القانونية كل منها يجب أن يكمل ويتكامل مع الأخرى, فضلاً عن ذلك فإن هذا البحث يتناول موضوع استخدام الإعلام في جريمة استهداف إثارة الحرب الأهلية من خلال التعبير عن الآراء والأفكار عبر وسائله المختلفة التقليدية (المقروءة والمسموعة والمرئية)، أو الإلكترونية بواسطة المواقع الإلكترونية، وما ينشر فيها من أفكار وآراء، حيث يعد الإعلام بوسائله المختلفة من أهم الوسائل التي يمكن اللجوء اليها لإثارة الحرب الأهلية وأخطرها، وأوسعها أثراً, فحرية التعبير عن الرأي عبر الإعلام لها أهميتها، وأثرها البالغ في تكوين الرأي العام، فكلاهما يؤثر ويتأثر بالآخر، ولأجل تحقيق غاية هذه الحرية والحفاظ على فضائها الواسع الرحب، ولكي تتحول إلى وسيلة لتحقيق وحدة المجتمع التعددي، ونشر ثقافة التسامح مع الآخر، والعيش المشترك يجب أن تمارس حرية التعبير عن الرأي عبر الإعلام بوعي ومسؤولية، وبعكس ذلك يجب تقرير المسؤولية الجزائية للمؤسسات الإعلامية، ذلك أن حرية الإعلام إنما قررها الدستور لتحقيق غاياتها الاجتماعية، ولا يجوز بأي حال ممارسة هذه الحرية بما يخل بغاياتها الاجتماعية.