يُعدّ موضوع العرف الدولي ’’ القواعد الدولية العرفية ‘‘ من الموضوعات التي يحسبها بعضٌ من الباحثين في مجال القانون الدولي من الواضحات التي لا تحتاج إلى إعمال الفكر فيها وعناء البحث، على أساس أن القاعدة الدولية العرفية كما القاعدة العرفية الداخلية تتكون من ركنين مادي هو التواترومعنوي هو الشعور بالإلزام، ويكاد لا يخلو أي مؤلَّف في القانون الدولي العام من تناول موضوع العرف الدولي بشكل مقتضب بوصفه من مصادر القانون الدولي العام الرئيسة التي تناولتها المادة 38/1/ب من النظام الأساس لمحكمة العدل الدولية بوصفها المادة التي تكفلت ببيان المصادر. ولكن واقع الأمر خلاف هذه النظرة الأولية عن الموضوع، إذ يُعدّ موضوع القواعد الدولية العرفية من أكثر الموضوعات إثارة للجدل العلمي وعدم الاتفاق على الجزئيات في فقه القانون الدولي وقضائه، حتى قيل أن اللبس والخطأ حول العرف الدولي الذي وقع فيه بعض الباحثين في مجال القانون الدولي وتبعهم في ذلك جملة من الطلبة والباحثين، قد جعل من موضوع العرف الدولي موضوعاً يتسم باللبس والغموض ويتجنب كثيرون الخوض فيه، وأن تحديد القانون الدولي العرفي سيظل مثاراً لصعوبات خاصّة تتطلب ممارسة المهارات في التقدير والبحث ومما يؤكد أهمية موضوع القواعد الدولية العرفية ووجوب الاتفاق على معايير نشوئه وإثباته، أن لجنة القانون الدولي التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة قد جعلت من تحديد القانون الدولي العرفي موضوعاً للدراسة ضمن برنامجها الطويل الأجل والذي من المقرر أن تنتهي اللجنة منه عام 2016 وقد صدر تقريران عن المقرر الخاص للجنة ’’ مايكل وود ’’ أثبتناهما في ملاحق هذه الدراسة واعتمدنا كثيراً مما ورد فيهما في متن الدراسة، وقد أورد المقرر الخاص في نهاية تقريره الثاني – للتدليل على أهمية الموضوع - العبارة الآتية :’’ وما زال المقرر الخاص يتوخى تقديم تقرير نهائي في عام 2016 يتضمن مشاريع استنتاجات وشروح منقحة في ضوء ما يجري من مناقشات وما يتخذ من مقررات في عامي 2014 و 2015، بيد أنه يقر، كما قال بعض أعضاء اللجنة، بأن برنامج العمل هذا برنامج طموح.