لعل ابرز مايميز النشاط التجاري في عصرنا هذا ،هو الازدياد المطرد في الإنتاج ، وماتبعه من تعقد الطابع الفني للسلع والخدمات فضلا عن التطور الكبير في آليات التعاقد ، مما جعل طائفة من الناس تقدم على التعاقد على نحو غير متبصر بالسلع والخدمات التي يهدفون للحصول عليها ، إلى جانب عدم معرفتهم الكافية بآليات التعاقد ، أو بالجانب القانوني للشروط التعاقدية ، على الرغم من تمتعهم بالأهلية القانونية للتعاقد ، وإزاء هذه الظاهرة ، التي بدت في جوانبها الأولى ظاهرة اقتصادية إلا أنها مالبثت أن تحولت إلى ظاهرة قانونية ، حيث وجد المشرع مرغماً في كثير من الدول لتنظيم عملية التعاقد ، والجوانب القانونية لهذه الفكرة ، مدفوعا باعتبارات اجتماعية واقتصادية وأحيانا سياسية ، فشاع مصطلح حماية المستهلك ، بوصفه مصطلحا قانونيا ، يخضع لنظام قانوني خاص ، ابرز مايميزه هو الخروج في اغلب أحكامه على القواعد المعروفة في القانون المدني أو القانون التجاري غير أن الأمر لم يقتصر عند هذا الحد ، إذ برزت في الآونة الأخيرة آليات تعاقد جديدة لم يألفها النشاط التجاري سابقا ، واعني بها التعاقد عبر شبكة الانترنت ، مما حدا المشرع في اغلب الدول إلى إقرار تشريعات خاصة ، لهكذا صور من التعاقد تستجيب لطبيعة هذه الشبكة ، وتنظيما لتعاقدات الأفراد ، وألقت هذه الصيغ الجديدة في التعاقد بظلالها مرة ثانية على طائفة المستهلكين وأضافت أعباءً إلى أعبائهم كونهم في غالب الأمر يجهلون هذه الوسائل التعاقدية ولما كان المشرع العراقي لم يصدر قانونا لا لحماية المستهلك ولا لتنظيم العقود الالكترونية ، فان البحث في حماية المستهلك في عقود التجارة الالكترونية اخذ يكتسي بأهمية بالغة إذ لا مناص والأمر هكذا من الرجوع إلى القواعد العامة ومحاولة تلمس أحكام يمكن تطويعها لإقرار هذه الحماية .