منذ بدء الخليقة والانسان يسعى في كل مراحل تطور حياته الى تحقيق أمنه وحماية وجوده ، ليشكل ذلك نقطة الانطلاق في استقراره وقدرته على الابداع والعطاء في مختلف المجالات هذا وكلما تطورت معطيات الحياة وازداد انفتاح المجتمعات بعضها على بعض وأتسعت المصالح التي تربطها وتشابكت ، كلما ترسخت القناعة بأن أمنها كل لا يتجزأ . وحين كان المجتمع الدولي ينمو يوما ً بعد يوم وتتعدد اشخاصه وتتنوع أشكال العلاقات القائمة بينهما ، تارة آخذة منحى سلمي ، وتارة متجهة نحو استخدام القوة بمختلف اشكالها ، كانت هذه الفكرة تتعمق وتثبت انها جوهرية وحتمية وبوجود المنظمات الدولية بمختلف انواعها بوصفها وسيلة لخدمة المجتمع الدولي وتعزيز العلاقات السلمية ضمنه في شتى الميادين ، لم تكن فكرة التعاون الدولي وتحقيقه على مختلف المستويات إلا أساسا ً لقيامها وعندما نشأت منظمة الامم المتحدة قامت بتبني فكرة الامن الجماعي الدولي وجعلت من أهدافها الرئيسة حفظ السلم والامن الدوليين ، وكان لهذه الفكرة من الاهمية في ايديولوجية الامم المتحدة ما دفع الى تخصيص جهاز رئيس ضمن هيكلها التنظيمي يضطلع بمهمة تحقيق هذا الهدف فكان (مجلس الامن). إذ تبلورت فكرة انشاء جهاز تنفيذي محدود العضوية يعمل بشكل مستمر قادر على التحرك السريع الفاعل لأداء مهمته الاساسية المتمثلة في حفظ السلم والامن الدوليين نيابة عن الدول الاعضاء في الامم المتحدة الذين تعهدوا عبر الميثاق بقبول قراراته وتنفيذها . وبالمقابل اعطيت له صلاحيات واسعة وخطيرة تندرج من التسوية السلمية للمنازعات الدولية وحتى اتخاذ تدابير قمعية قد تتضمن استخدام القوة المسلحة في سبيل حفظ السلم والامن الدوليين إن وجود جهاز في منظمة دولية له صلاحيات حاسمة كهذه قد يوحي بأن ذلك سيجعل منه حارسا ً أمينا ً يقف بوجه كل ما يهدد أمن المجتمع الدولي ، إلا أن التوغل في ثنايا تكوينه سيكشف عن وجود ثغرات عديدة تبرهن على إن هذا الجهاز لم يوحد إلا ليكون وسيلة لسيطرة دول معينة على المنظمة الدولية ككل وعبرها على المجتمع الدولي وسير العلاقات فيه ليتحول مجلس الامن بذلك الى أداة تخدم مصالح ذاتية ضيقة للدول المسيطرة عليه إن منهجية عمل مجلس الامن جعلت وتيرة الانتقادات الموجهة اليه تتصاعد ، فقد واجه العديد من الاعتراضات منذ أن كان ميثاق الامم المتحدة مشروعا ً يتم تدارسه في المؤتمرات التحضيرية السابقة على نشوء المنظمة الدولية ، فضلا ً على مرحلة الحرب الباردة وما تلاها .