عند الحديث عن الدور الإقليمي لاي دولة، فانه يتبادر إلى الذهن ان ثمة قدرا من الثبات والاستمرارية لتفاعلات تلك الدولة متوقعة مع محيطها (قضايا ودول). بمعنى ان هناك عناصر قوة وموقع تتمتع بها تلك الدولة، ولها مصالح في بيئة إقليمية معروفة من حيث علاقات القوى، لجميع الأطراف الداخلة في التفاعلات الإقليمية موضع الدراسة. وكل ذلك مدرك وفقا لرؤى صناع القرار فيها، اما فاعلية الدور فمبنية على كيفية توظيف عناصر البيئتين الداخلية والخارجية لتحقيق غايات المصلحة الوطنية.والشرق الأوسط ، كإقليم، وبوصفه النطاق المكاني للبحث، منطقة مليئة بالتفاعلات والتحديات، وتتماشى مع قضاياه دول وأطراف عدة، لكل منها غايات محددة من وراء ممارستها تأثيرا في تلك القضايا والدول. وبالتالي فان الأدوار التي تنفذها أم يمكن ان تنفذها دول الإقليم ستتأثر باعتبارات تأثير تلك الأطراف الخارجية.وما ولد حالة من عدم الاستقرار العام في تفاعلات منطقة الشرق الأوسط، ان ظاهرة الحراك في المكانة والموقع الإقليميين لا يزال مفتوحا امام أكثر من احتمال، وازاء حجم التقاطعات في التفاعلات الإقليمية، فان ذلك قد سهل على أطراف دولية عدة وسعيا وراء ضمان مصالحها في هذه المنطقة، إلى التدخل وتنفيذ إستراتيجيات عدة لضمان مصالحها في المنطقة. ويبرز لدينا هنا الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، ومصر بأدوارها الإقليمية، بوصفهما من الفواعل في ترتيب بعضا من أحداث المنطقة وقضاياها وعلاقات أطرافها.وما يميز الإستراتجية الأمريكية انها ترتكز على مسألتي المصلحة والقوة، المصلحة التي تعرف عالميا بالمكانة والريادة الأمريكيتين في النظام الدولي، حاضرا ومستقبلا، بكل ما ينطوي عليه ذلك من خفض لقدرات القوى التي يمكن ان تشكل تنافسا لموقع الولايات المتحدة الأمريكية العالمي، أم تأخير بروزها.وإقليميا تبرز للولايات المتحدة الأمريكية مصالح في ضمان تدفق الموارد الهيدروكاربونية (النفط والغاز) وغيرها، المعدنية وغير المعدنية، ووصولها اليها. وبوصف تلك الموارد احد أهم العناصر التي تديم قوة القوى الدولية، وقد تساعد في ترقيتها في سلم القطبية الدولية. والشرق الأوسط احد المصادر الأساسية لإنتاج تلك الموارد.كما ان للولايات المتحدة الأمريكية قوى حليفة معنية بأمنها، ومنها إسرائيل، التي تؤدي أكثر من دور ووظيفة في السياسات الأمريكية لكي تديم عليها علاقات التحالف وضمان أمنها، ومنها الرؤى الأيديولوجية المتقاربة، وبوصف إسرائيل ابرز عائق طوال العقود السبعة الماضية أمام المشاريع العربية الريادية، وأفضل حليف يمكن الاعتماد عليه وبشكل دائم.