إن درجة الانفتاح الاقتصادي للبلدان المتحولة قد تغيرت بين فتره وأخرى ، إلا أنها كانت متشابهة في أنماطها من حيث إن درجة التكامل الاقتصادي لتلك البلدان مع العالم قد مالت إلى الانخفاض في فترات الركود والأزمات والحروب ، ومالت إلى الارتفاع في حقب السلم والانتعاش الاقتصادي.وقد شهدنا خلال العقدين التاليين للحرب العالمية الثانية كيف دفعت الإحداث الدولية الكبرى بالبلدان النامية إلى اتخاذ طريقين مختلفين تماما من حيث الاندماج في الاقتصاد العالمي ، فبينما شجع قيام الحرب الباردة بين الكتلتين الرأسمالية والاشتراكية، قيام بعض البلدان بانتهاج سياسات حمائية وتبني إستراتيجية اقتصادية اقرب إلى الاستقلال والانطواء على النفس في سياساتها الخارجية ، وإعلان في صورة أو بأخرى عن ارتباطها بالمعسكر الاشتراكي المتمثل في الاتحاد السوفيتي السابق ، في حين اندمجت دول أخرى بالاقتصاد الغربي ، واستطاعت تحقيق معدلات عالية في نموها الاقتصادي وتميزت إستراتيجيتها الاقتصادية بالاندماج الاقتصادي بالمعسكر الغربي ، وأضحت ذات سياسة خارجية منفتحة على البلدان الرأسمالية .ونتيجة لانهيار المعسكر الاشتراكي متمثل ( بالاتحاد السوفيتي السابق ) وتزايد النمو الاقتصادي للبلدان المرتبطة بالعالم الرأسمالي ، أخذت العديد من الدول تتزايد في درجة انفتاحها ، وخصوصا ذات الاقتصاد المنغلق بدأت تشهد اقتصادياتها تحولاً جذرياً من الاقتصاد المركزي نحو نظام السوق ، وشهد العالم تفككاً سريعاً لنظام كان يقوم على سيطرة الدولة على الاقتصاد ، وقد زادت سرعة هذا الاتجاه نحو مزيد من الانفتاح منذ عام 1990 فتبنت الكثير من الدول ما عرف ببرنامج التثبيت الاقتصادي والتكييف الهيكلي واتفاقيات التجارة المتعددة الاطراف الناتجة في اطار جولات تحرير التجارة والموقعة من جولة الاورغواي وحتى الان.وكما معروف أن السلوك الخارجي للدول هو في الواقع محصلة لمجموعة من العوامل الموضوعية والذاتية التي تتشكل داخلها فتوافر أو عدم توافر الموارد الاقتصادية يؤثر على قدره الدولة في ممارسه الكثير من أشكال النفوذ السياسي ، كما أن طبيعة النظام السياسي والاقتصادي يؤثر في توجه سياستها الخارجية .