تعد قضية الديمقراطية أحد القضايا التي انشغل بها الفكر العربي، فموضوع الديمقراطية كان وما يزال محور اهتمامات امتنا العربية بجميع فئاتها، فالتحول نحو الديمقراطية في الحكم شكل أحدى الموجات التي شهدها العالم المعاصر منذ منتصف السبعينات واستمرت في الثمانينات حتى تأكدت ملامحها في تسعينات القرن العشرين .وقد واجهت الديمقراطية خلال مسيرتها والتي يمكن إرجاع مفهومها الحديث إلى الثورتين الأمريكية والفرنسية العديد من التحديات منها صعود الحركات اليمينية المتطرفة على اثر انهيار النظام العالمي القديم خلال فترة الحرب العالمية الأولى ، إلا إن هزيمة هذه الدول في الحرب العالمية الثانية كان قد أعطى دفعة قوية لمسيرة الديمقراطية ، أما في الوطن العربي والذي يحتل موقعاً مهماً في السياسات العالمية ، فقد لعبت الظاهرة الاستعمارية دوراً سلبياً على هذه المسيرة ،فقد كانت الوسائل الاستبدادية لتولي الحكم وسيطرة الحزب الواحد هو الاتجاه الذي ميز فترة الخمسينات والستينات من القرن العشرين ، وبنهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي ، وحيث كان العالم قد بدأ يمر بتغييرات على نحو لم يسبق لها مثيل ، فقد بدأت المؤشرات الديمقراطية تعود مرة أخرى وتفرض نفسها على الواقع السياسي العربي ، عندما تأكد عجز النظم الشمولية عن صيانة الأمن وتحقيق التنمية ، فتحولت كثير من الأنظمة السلطوية إلى الأنظمة الديمقراطية في مناطق متعددة من العالم وتعد الديمقراطية التي برر ظهورها العقل والحاجة وعزم الإنسان على الانتقال من حكم الأقلية إلى حكم الأغلبية هي هدفاً وغاية سامية تسعى كل الشعوب إلى الوصول إليها ومنها الشعوب العربية ، فالديمقراطية هي حكم الشعب ،وحيثما يحكم الشعب فلن يكون هناك استبداد ، وقد أدت التطورات التي مرت بها الدول العربية ، إلى جانب التطورات الدولية المعاصرة إلى أن أصبحت عملية التحول إلى الديمقراطية حتى وأن تطلب ذلك وقتاً هي أمر واقع على الرغم من العقبات التي يعاني منها الواقع السياسي العربي ، إلا إن هذه العملية تحتاج إلى عدد من المتطلبات ووضع حلول عمليه للمشاكل التي يعاني منها الواقع العربي وأن تتخذ مراحل تدريجية، بسبب عدم استقرار الديمقراطية كثقافة وسلوك في الوعي الاجتماعي والسياسي العربي .