تعد أوروبا واحدة من أهم قارات العالم تاريخيا واستراتيجيا، نظرا لما تحمله من معنى جغرافي واقتصادي واجتماعي وسياسي مهم، فهي القارات التي تجمع بين العديد من الأضداد، اندلعت على أرضها حربان عالميتان ساخنتان والثالثة باردة أوشكت على ان تدفع بالدول الأوروبية نحو الهاوية نتيجة ألازمات التي أوشكت على الانفجار، بالرغم من الحروب والدمار التي شهدتها القارة، فأنها استطاعت ان تتناسى الماضي المؤلم، والعمل على بلورة مشروع وحدوي يقوم على أساس التعاون بين الدول ونبذ الخلافات والانقسامات القطرية والاتجاهات السياسية أثناء الحقبة الماضية، والسير نحو عالم أكثر تقدما، حتى أضحت في اقل من نصف قرن كيان ذا شخصية قانونية مستقلة واضح المعالم عرف بالاتحاد الأوروبي الذي أثار اعجاب كثير من المهتمين في الشؤون الدولية لما خطاه من خطوات نحو التوسع والاندماج والتي انعكست على المنظور الجماعي الأوروبي، وبرغم عدم قدرة هذا الاتحاد على تجاوز حقيقة انه كيان مكون بناءا على اتفاق مجموعة من الدول، وان استمرارية ذلك مرهونة باستمرار هذا الاتفاق. ومن هذا المنطق يحاول الاتحاد الأوروبي منذ بداية تأسيسه ان يكون له دور فاعلاً ومؤثراً في السياسة الدولية بما يتناسب مع مكانته الدولية وفقا لمستجدات المرحلة الراهنة، سيما بعد وصول عملية التكامل والاندماج الى مستوى متقدم، فضلا عن التطورات التي شهدتها البيئة الدولية. لقد حاول الاتحاد الأوروبي بناء البيت الأوروبي من الداخل لتكون نقطة انطلاق نحو المستقبل من اجل الوصول الى دور أوروبي مؤثر في الساحة الدولية، وايجاد له دور مناسب في منافسة الدولية مع من سواه، وعلى أساس ذلك حاول الاتحاد الأوروبي الى بناء الهوية الأوروبية بعد ان لقي مشروع الوحدة الأوروبية تقدما ملحوظا.