الدور الاقتصادي والسياسي للعملة الاحتياطية – الدولار انموذجاً- )

number: 
1613
عربية
Degree: 
Author: 
زينب سعد شمس الدين الشيشاني
Supervisor: 
أ. د. هجير عدنان زكي
year: 
2012

من الحقائق المدركة ان العملة الاحتياطية هي العنصر الاساس في النظام النقدي الدولي والتي تلعب دورا مهما في بنية او حركة هذا النظام. وان أية دولة لا تستطيع تحقيق النمو والاستقرار ما لم تتوافر على نظام نقدي قادر على توفير السيولة اللازمة للاقتصاد ومراقبة مختلف المؤشرات التي تعكس الاداء الاقتصادي. وكذلك الحال على الصعيد الدولي فلا تكون هناك تجارة مزدهرة ولا علاقات اقتصادية مثمرة بين الدول ما لم يتوفر نظام نقدي يقوم على قواعد واليات تضمن استقرارا نقديا دوليا من خلال توفير السيولة للمدفوعات الدولية والاشراف على تنظيم المعاملات الدولية. ولعل احد ابرز مكونات السيولة الدولية هو ما يعرف اصطلاحا بالعملة القائدة (Key Currency) او العملة القيادية او العملة الاحتياطية .
ان العملة الاحتياطية عملة شائعة الاستعمال في تسوية المدفوعات الدولية والتي لها اهمية كبيرة في اسواق الصرف الدولية, وهي بالاساس عملة وطنية، تؤدي دور و وظائف النقود الدولية، وذلك في حالة ما اذا كان اقتصاد دولة معينة اقتصاداً قويأ ومتنوعاً، وتشكل نسبة تجارة تلك الدولة من التجارة الدولية نسبة عالية، الامر الذي يجعل عملة تلك الدولة تتمتع بالثقة والقبول الدولي، وبالتالي فان تلك العملة سوف تتأهل لكي تقوم بمهام النقد الدولي. ويوجد في الوقت الحاضر العديد من هذه العملات, ومن ابرزها الدولار الامريكي –الذي يتصدر العملات الاحتياطية – ثم اليورو والباون الاسترليني والين الياباني واليوان الصيني .
وعلى وفق التطور التاريخي لنظام النقد الدولي يمكن تأشير ابرز مراحل تطور ذلك النظام، انتهى شكله الاخير الى اعتماد العملات الاحتياطية الرئيسة وقد تحقق ذلك منذ اتفاقية بريتون وودز عام 1945 بعد انهيار قاعدة الذهب واصبح النظام النقدي الدولي قائماً على حرية تعويم العملات كما احتل الدولار الامريكي دوراً متميزاً في مكونات السيولة الدولية والعملة الاحتياطية الاولى في العالم وفقا لاتفاقية بريتون وودز .لقد وضع الدولار – كعملة احتياطية اولى في العالم – بصمته على جميع المعاملات والصفقات الدولية, واصبح يستعمل بشكل واسع في تسوية المعاملات الدولية ومثَل ميزة للبنوك والشركات العالمية, ولقد منح النظام النقدي الدولي ومن خلال اتفاقية بريتون وودز امتيازاً للولايات المتحدة الامريكية الا وهو امكانية خلق السيولة الدولية من خلال عجز ميزان المدفوعات الامريكية, وهذا مانقصد به بكلمة الامتياز المفرط. وبحثنا يرتبط بالجانب الاقتصادي السياسي لما يعرف بالامتياز. وهو مصطلح ورد لدى الفرنسيين عندما انتقدوا نظام النقد الدولي بأعتماد الدولار كعملة دولية, بعدّه يوفر للدولة المصدرة له وهي الولايات المتحدة الامريكية امتيازاً يعفيها من الالتزام الحقيقي تجاه الدول الاخرى. هذا فضلاً عن مكاسب رأسمالية كبيرة تحصدها الولايات المتحدة الامريكية من اعتماد الدولار(عملتها الوطنية) كعملة احتياطية وذلك عندما تنخفض قيمة الدولار مثلا. اذ ان الاصول الامريكية في الخارج مقيَمة في اغلبها بالعملة الاجنبية وبالتالي ترتفع قيمتها بهذه العملة كما تستفيد الولايات المتحدة في هذا الجانب أيضا لأنها تمتلك محفظة مالية متنوعة مكونة من الاسهم الاجنبية والاستثمارات الاجنبية المباشرة التي ترتفع قيمتها مع انخفاض الدولار وهناك تأثيرات سلبية لانخفاض قيمة الدولار اذ سيؤدي الى تفاقم تدهور نسب التبادل التجاري الامريكية وانخفاض الدخل الحقيقي للاسر او بطء في نمو مستويات المعيشة.ان كون الدولار الامريكي مدعوم باقتصاد قوي ذي إنتاجية عالية وسيطرة على التجارة العالمية ونفاذ الى الاسواق الخارجية وقدرة على زيادة الصادرات وقوة عسكرية ونفوذ سياسي واضح, جعل منه العملة الاحتياطية الاولى في العالم، تلك العملة التي لها اثار وابعاد سياسية. فالعملة الاحتياطية الدولية ومن خلال تجربة الدولار، اكدت الاثار والابعاد السياسية للعملة الاحتياطية القائدة من خلال تحليل السياسية الخارجية الامريكية ومتطلبات الامن القومي الامريكي قبل وبعد احداث 11/9/ 2001، واتضح ان ابرز الجهات المؤثرة في صنع السياسة الخارجية الامريكية هي اللوبيات او الجهات الضاغطة وكذلك الشركات متعددة الجنسية او الشركات العملاقة ومن اهمها شركات السلاح وشركات النفط. ان الزخم الاقتصادي الداعم للقوة العسكرية في تحقيق اهداف الامن القومي الامريكي تمثلت في عسكرة الاقتصاد الامريكي على مدى اكثر من نصف قرن وتمويل الحروب بطرق متعددة, التي من ابرزها الضرائب, وسندات الخزانة التي تصدرها الحكومة الامريكية ويتم شراؤها من المواطنين والاجانب والتي عن طريقها تمول الحروب التي تخوضها وان كانت تعاني مشاكل اقتصادية ابرزها العجز في الميزان التجاري. وان من ابرز الحروب الامريكية التي كانت ذات تكاليف اقتصادية ومالية كبيرة جدا الحرب الامريكية الفيتنامية و الحرب الامريكية على العراق, وقد انعكست هذه المتغيرات على طبيعة الادارة الامريكية الحالية وسياسة الولايات المتحدة الامريكية التي تتبوأ مركز القيادة والزعامة في العالم مما أعطى ملامح واضحة للدور السياسي للعملة الاحتياطية الدولية – الدولار الامريكي انموذجا – وهو ما تم تناوله في فصول البحث.