منذ النشأة سعت الولايات المتحدة الاميركية الى ان تكـــــون قــــــوة عالمية لايستهان بها ، عـــــــبر توظيف عــــــــدد من المدخلات في سبيل تحقيق هدفها الامبراطوري ، فكان تأسيس المجال الحيوي هو احـــــــد المدخلات المهمة في التقرب من تحقيق ذلك الهدف ، لذا كانت الولايات المتحدة الاميركية في حالة توسع مستمر على المستويات كافة ، فقد أتخـــــذت شكل التوسع القـــــــــاري قبل الحرب العالمية الثانيـــــة ، والتوسع السياسي والعسكري والاقتصادي والانساني بعد الحرب الباردة . احتلت فكرة تكوين المجال الحيوي في الفكر الاستراتيجي الاميركي مكانة مهمة ، فعــــــد بمثابة الحراك الاستراتيجي الذي من شأنه ان يُغذي الولايات المتحدة الاميركية بـ امكانيات هائلة ، تمكنها من الاقتراب من تحقيق غرضها الامبراطوري . وفي مقاربة تاريخية للادارات الاميركية نجدها وفي مختلف الحقب التاريخية عملت على تأسيس ذلك الامتداد الجيوبولتيكي ، الذي ترافق وقــــــــدرة الاستجابة الاميركية للاحداث التي بـــــدورها مكنت الولايات المتحدة الاميركية من استثمار الفرص الناشئة في البيئة الاستراتيجية العالمية .وشكل تفكك الاتحاد السوفيتي الفرصة الاستراتيجية نحو تأسيس وتعزيز المجال الحيوي الأميركي ، إذ برزت الولايات المتحدة الاميركية كقـــــــــوة عالمية لامنافس لها وفي مختلف المجالات وعلى المستويات كافة الاقليمية منها و العالمية ، فامسكت الولايات المتحدة الاميركية بمقود ادارة النظام الدولي عقب انتصارها على الاتحاد السوفيتي ، والذي ترافق مع بروز الطروحات الفكـــــــــــرية التي روجت لهذا الانتصار، فكانت في مقدمتها اطروحة نهاية التاريخ التي بشرت بان الديمقراطية الليبرالية تمثل المرحلة النهائية للتطور الايديولوجي للجنس البشري والشكل النهائي لحكم الانسان ، فكانت ولادة النظام الدولي الجديد من رحم الرؤى والتصورات الاميركية التي تعبــــــــر عن طروحات الدولة المنتصرة .ومع إحداث 11 / أيلول / سبتمبر 2011 وما شكلتــــــــــه من تحديات إستراتيجية للولايــــــات المتحدة الأميركية والبيئة الإستراتيجية العالمية بشكل عام ، وما ترافق معها من ثورة فكـــــــرية مسخرة مخرجات التطور المعرفي الهائـــــل ، أصبحت فكـــــــــرة المجال الحيوي الأميركي تأخــــــذ إبعاداً مختلفـــــة تتمثل في أطروحات العولمــــــــة ، كما كانت عملية التوظيف للمجال الحيــــوي متلازمة مع الهدف الأميركي فـــــــــي مواجهة الإرهاب ، الذي عُـــــــــدّ الفرصة الأمثل فـــــي توسيـــــع الامتـــــداد الجيوبولتيكــــــي ( بالمعنى والمفهوم الجديد له ) وبما يعزز الهيمنة الأميركية التـــــــي باتت تواجــــــه اختلالات عدة نتيجـــــــة بروز قوى طامحة إلى لعب دور عالمـــــــــي ، وتفاقـــــم الأزمات الاقتصادية وتأثيرها في مكامن القوة العالمية ، لذا أصبح تعزيز المجال الحيوي بنظـــــرة جيوستراتيجيــــــــة ضرورة أميركية في الإستراتيجية الأميركية الشاملة .