علاقة المجتمع المدني بالنظام السياسي : التأثير والتأثر ـ دراسة حالة مصر والأردن ـ

number: 
771
عربية
Degree: 
Imprint: 
علوم سياسية
Author: 
ســداد مــولــود ســبــع
Supervisor: 
د.وصال نجيب العزاوي
year: 
2008

حظي المجتمع المدني باهتمام خاص ، من المفكرين والباحثين في العلوم الإنسانية ، عموماً والعلوم السياسية خصوصاً ، لكونه جاء يحمل في ثناياه الحد من استبداد النظم السياسية ودكتاتوريتها سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً . ويحمل بين قسماته الرئيسة أهدافاً ووظائف لمعالجة الخلل الذي يصيب الكثير من النظم السياسية بسبب انفراد صناع القرار بالحكم وما يتركه هذا الخلل من آثار وآنعكاسات على حياة المجتمع عموماً ، وعبر خلق بيئة واسعة للتنافس مع النظم السياسية لكن بأدوات سلمية وبأساليب مشروعة قانوناً تقع ضمن اختصاص الحريات المدنية والسياسية ، كما يحمل بين ثناياه التعدد في المجال الوظيفي . فكأنه جاء وصفه سحرية لحل الكثير من المشاكل ، ولتحسين العلاقة بين النظم السياسية وشعوبها إذا ما أتاحت تلك النظم الفرصة لعمل المجتمع المدني داخل بلدانها بفعل تعدد مكوناته . يضم المجتمع المدني الأحزاب السياسية ، التي وظيفتها تجميع المصالح والتعبير عنها داخل البرلمان ، وهناك النقابات المهنية التي تمثل النخبة المثقفة في المجتمع والتي متى ما اتيح لها ممارسة عملها النقابي بحرية وضمن الضوابط القانونية الصحيحة كلما كانت هناك علاقة سلمية تسود المجتمع ، والحال ينسحب على النقابات العمالية وجماعات رجال الأعمال ( القوة المحركة لاقتصاد الدولة ) والمنظمات غير الحكومية والجمعيات الخيرية وفي حال غياب الأساس الصحيح للعلاقة بين الطرفين تنشأ أغلب النظم السياسية على وفق معايير خاطئة ويولد مجتمع مدني مشوه شبيه بتلك المجتمعات المدنية الموجودة داخل البلدان العربية . ومن ثم فإن هذا التشعب والاختلاف في الأداء الوظيفي هو مصدر أهمية المجتمع المدني وإن الدول في عالم الجنوب ، وتحديداً البلدان العربية ، أصبحت بحاجة ماسة له لترشيد الحكم في نظمها . لاسيما وأن بعض مؤسسات المجتمع المدني أضحت تمثل حلقة وصل بين النظام السياسي والمجتمع ، وهذا بالفعل ما تحتاجه البلدان العربية لكسر حاجز الصمت الذي طال بسبب استبداد هذه النظم ، التي استطاعت بعض البلدان العربية كسر هذا الحاجز وتجاوزه بأساليب سلمية تأخذ المظاهرات والمسيرات المثال الأبرز عليه ، فضلاً عن طفرات نوعية للحالات المتقدمة من الأداء الوظيفي لبعض مكونات المجتمع المدني وتمثل مصر إحدى الحالات المميزة بهذا الجانب . أن رد الفعل الحكومي على نشاط المجتمع المدني الفاعل في بعض البلدان العربية ، على الرغم من تباينه ، لكنه آتسم بالقوة ، وهو ما أوجد علاقة غير صحيحة بين النظام السياسي والمجتمع المدني إذ أخذت طابع الصدام والتنافس بل وصلت إلى حد الصراع وهذا ما سعى البحث إلى بيانه في حالة كل من مصر والأردن لاسيما وأن النظامين السياسين في مصر والأردن يمتلكان خصائص دستورية قانونية هيأت لهما الإمساك بخيوط العملية السياسية دون منازع . ونتيجة لعقدة الخوف والشك عند النظام السياسي تجاه اي مصدر للحريات ، فقد نشأت علاقة غير متوازنة يغلب عليها طابع الصراع والمنافسة وقليل من التعاون . إنَّ طبيعة العلاقة غير المتوازنة بين المتغيرين داخل مصر والأردن لم يكن مصدرها الخصائص الدستورية والسياسية إلى جانب الخصائص الاقتصادية والاجتماعية فحسب ، بل كانت هناك إشكالية فكرية ، أحاطت بالمجتمع المدني وبتشكيل قسماته الرئيسة ، أصابته بالإرباك وعدم التحديد والاتفاق على جزء من مكوناته أو كلها . فضلاً عن بروز مفهوم المجتمع الأهلي الذي كان مسوغاً لدى البعض لزجه ضمن مكونات المجتمع المدني ليكون آداة طيعة لتحقيق أهداف النظام السياسي ، والحال هنا ينسحب على الحالة الأردنية وتفعيل النظام السياسي للمؤسسة التقليدية ( العشيرة ) بعد عام 1993 ، وذلك لسحب النجاح الذي حققته القوى المدنية في أثناء انتخابات عام 1989 لصالح القوى التقليدية ، وهو ما نجحت في تحقيقه فعلاً إذ ضعف خلالها دور الأحزاب السياسية إلى الحد الذي نجد إن البعض منها تلاشى وأصبحت أحزاباً بلا جماهير . لكنها لم تستطع أن تؤثر في المكونات الباقية للمجتمع المدني ، إذ استطاعت بعض هذه المكونات من مقاومة تأثير النظام السياسي عليها ، إلا أن الحالة المصرية كانت أكثر وضوحاً ورسوخاً في مقاومة تأثير النظام السياسي ، وذلك بفعل الفارق في التطور المؤسساتي والاجتماعي بين مصر والأردن ، وهو ما ظهرت نتائجه في تأثير بعض مؤسسات المجتمع المدني في مصر على النظام السياسي .