البطالة والعنف السياسي في العراق خلال المدة 2003- 2011 ( دراسة ميدانية )

number: 
1647
Arabic
Degree: 
Author: 
ميثم عنيدي علي حسين العبــــادي
Supervisor: 
أ.م.د خضر عباس عطوان
year: 
2013

ظاهرة العنف ظاهرة قديمة قدم تاريخ البشرية ،وهي ظاهرة ملازمه للسلوك البشري، وقد ظهرت أولى بوادر العنف مع ظهور أول البشرية على الارض . ان العنف غريزة وميل إنساني ، بيد أن هذه الغريزة لها محفزاتها، والميول له دوافعه وموجباته.  لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ( ) والحقيقة أن أي ميل بشري نحو العنف له مبرراته ومسبباته وموجباته ،ومن ثم فان تتبع مسار ظاهرة العنف في المجتمعات وطبيعته ومسبباته ، تقوم على ركنيين أساسيين هما الركن البيئي بكل متغيراته (الداخلية والخارجيه ) ،وآخر يتعلق بالذات البشرية (السايكولوجيه)، والعراق إحدى الدول الذي شهدت ظاهرة العنف بكل متغيراتها ولا زال يشهدها ويعاني ويلاتها . ولا يعني ذلك أن العنف ظاهرة ملاصقة للعراق فحسب ،إنما ظاهر العنف ظاهرة عالمية عرفتها جميع المجتمعات الإنسانية في العالم على مختلف العصور، لكن بنسب ومستويات متفاوته، بيد أن طبيعة ووتيرة العنف تختلف من مجتمع لآخر، بل وفي المجتمع الواحد ،باختلاف دوافعه ومسبباته.ان ظاهرة العنف تخضع في وقوعها ،وتطورها ،وتفاعلها، مع الظواهر الإنسانية الآخرى، لمتغيرات كثيرة ومتنوعة ،منها السياسي ،والاقتصادي ،والثقافي ، والديني، والاقليمية والدولية،يصعب معها الحصول على قوانين عامه وثابته تحكم الظاهرة ،ذلك أن المتغيرات التي تدخل في تكوينها تؤدي إلى اختلاف اشكالها من مجتمع إلى آخر بل وفي المجتمع الواحد نفسه ،ومن هنا ( نجد العنف بمظهره السياسي وعنف اجرامي واخر طائفي أو ديني أو عنف ذو دافع اقتصادي ،ناهيك عن العنف المسوق ،الاقليمي والدولي ،وكل هذه المظاهر تجعل التنبؤ صعب بمسار الظاهرة وتوجه تطوراتها ، فتارة عنف سياسي ذو دافع سياسي وتاره بدافع طائفي ،عقائدي، وأخرى لأسباب اقتصادية وثقافية أو بدعوى الجهاد ومقاتلة المحتل، وهذه التمظهرات تجعل من الصعب تتبعها وحل الظاهرة موضوع البحث بتناول إحدى متغيراتها ، ذلك أن الظاهرة السياسية ظاهرة معقدة بمتغيراتها ومكوناتها المتعددة والمتنوعة . يشهد المجتمع العراقي ظاهرة العنف بكل أشكاله ، ومتغيراته ، متخذاً لنفسه منحناً خطر يهدد المجتمع والدولة ، ولما كانت مشكلة العنف السياسي تتسم بالعمومية والشمول من حيث السبب والأثر ،الأمر الذي يتطلب وضع آليه لرسم سياسة عامه لمعالجة مشكلة العنف السياسي في العراق عبر دراسة مسبباته، وهنا يركز ألباحث على دراسة البطالة كأحد مسببات العنف السياسي في العراق.يتناول موضوع (البطالة والعنف السياسي في العراق خلال المدة 2003-2011) دراسة في أسباب العنف السياسي في العراق ، إذ لا يمكن أن يدرس العنف السياسي بمعزل عن مبرراته وموجباته ومسبباته ،وبمعزل عن بيئته الداخلية متمثلة بالظروف السياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية ،وبمعزل عن المتغيرات الخارجية متمثل بضغوط البيئتين الاقليمية والدولية المؤثرة والمسببة للعنف السياسي ،بيد أن الأخيره أصبحت ظاهرة ملازمه للحياة السياسية في العراق وهي أحد أهم المشكلات التي تواجه المجتمع العراقي في الحاضر (كمتغير تابع) يتأثر بجملة غيرات(مستقلة) من هذه المشكلات ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي ، وهنا سوف نركز على البطالة كأحد متغيرات العنف السياسي في العراق ، بيد أن العنف الذي نشير إليه في بحثنا هو غير العنف الإجرامي أو الطائفي ,الديني ،انه العنف السياسي وهو عنف ذو دوافع سياسية ونتائج سياسية ،والمقصود بالعنف السياسي في هذه الرسالةهو: الأعمال التي تستهدف مصالح الأفراد،العاديين والرسميين، والجماعات ، والمؤسسات، والممتلكات تحت مسببات سياسية والرغبة بتحقيق نتائج سياسية ، وتنتهي أعمال العنف السياسي إلى إلحاق ضرر مادي مباشر كالتصفية الجسدية أو الاعتداء بالضرب، أو باستخدام سلاح، أو تهجير، أو إحداث ضرر معنوي كالترهيب، والتهديد ،والتهكم، والتهميش وحتى الإقصاء. بيد أن آلية العمل ووسيلته للوصول إلى غايته هو مجتمع البطالة (الفقر أو العوز ووقت الفراغ والتفكير بالمستقبل ) ، من هنا تثار مدى جدلية علاقة المتغيرات(البطالة والعنف السياسي) وهل هناك علاقة ارتباط بين كلا المتغيرين البطالة والعنف السياسي ؟ وهذا ما يقضي الكشف عن العنف الذي مصدره البطالة وليس أي عمل للعنف ،والحقيقة أن البطالة ما هو إلا سبب ( متغير ) من مجمل متغيرات مسببه للعنف السياسي في العراق، وهذا ما يشهده مسرح العنف السياسي في العراق كمتغير تابع يتأثر بالبطالة (متغير مستقل) تارة ،وتابع تارة أخرى بوصف البطالة ( العوز والفقر)هو ضالة ووسيلة العنف السياسي ،وهذه التغذية العكسية ما بين المتغيرين قد تكشف لنا علاقة الارتباط بين المتغيرات ،وهذا ما سعى البحث إلى دراسته عبر استطلاع الرآي العام للجمهور والمشمولين بالإحكام الجزائية ، بيد أن أي رؤية مستقبليه لحل إشكالية العنف و العنف السياسي في العراق يتطلب الوقوف على كل مسبباته من أسباب سياسية , واقتصادية ، وطائفية ، وثقافية ، واجرامية, وإقليمية وحتى الدولية منها ؛ وهذا بطابع الأمر يتطلب جهد كبير، أي دراسة لابعاد المشكلة موضوع البحث ومتغيراتها كافة ووضع رؤى مستقبلية كحلول ناجعة للعنف السياسي. ان موضوع البحث ( البطالة والعنف السياسي في العراق خلال الفترة 2003-2011 ) يقوم على أساس من التزاوج والترابط بين التأطير النظري المفاهيمي من ناحية والعمل الميداني من ناحية أخرى، القائم على استطلاع الرأي العام حول مسببات العنف السياسي وعلى مدى تأثير البطالة على العنف السياسي في العراق كسبب ونتيجه في أن واحد ،عبر استمارة استبانة تم توزيعها على مجتمع إحصائي ، للوقوف على جانب من مسببات العنف السياسي ومدى علاقة الارتباط بين البطالة والعنف السياسي،وهذا الاستطلاع اعتمد بعض المؤشرات حول البطالة والعنف السياسي من حيث تقدير نسبة البطالة في العراق عبر احصاءات القوة العاملة والقوة المعطلة ، ومن خلال تحليل نتائج الاستبانه سوف يتم الكشف عن علاقة الارتباط بين المتغيرين( البطالة كمتغير مستقل والعنف السياسي كمتغير تابع ) ،بيد أن تاثير متغير البطالة على العنف السياسي لايأتي بصورة مباشره دائماً، فالعلاقة الطردية بين كلا المتغيرين تتم احياناً عبر عدد من المتغيرات الوسيطه التي تتمثل بزيادة الوعي بالحرمان والسخط والتذمر على مستوى الفرد العاطل عن العمل ، وانحراف الميل نحو تقدير فيه العنف السياسي كوسيلة ، أما للحصول على مورد مالي ،أو لتصحيح بيئة العمل، ،أو في أقل تقدير للانتقام من البيئة السياسية السلبية المسببة للبطالة ،وأن اختلاف طبيعة هذه المتغيرات( الوسيطه) وخصوصيتها من مجتمع إلى آخر يؤدي إلى الاختلاف في النتائج . وتعد ظاهرة العنف السياسي والبطالة التي يواجهها العراق من أصعب التحديات ، ذلك أن هذا التحدي من الخطورة بحيث بات يهدد مستقبل الدولة والمجتمع معاً . ونظراً لما يخلفه من نتائج مأساوية في تدمير الأرواح البشرية والآثار النفسية والمادية والاجتماعية والسياسية، فان هذه الظاهرة تتطلب بحثها ودراستها بموضوعية وواقعية. من هنا أرتأى الباحث،البحث في علاقة الارتباط بين متغيري البطالة والعنف السياسي ووضع رؤية بصيغة توصيات لحل مشكلة العنف السياسي عبر دراسة مسبباته المتعلقة بظاهرة البطالة