العلاقات التركية –((الإسرائيلية)) وانعكاساتها الإقليمية

number: 
1619
Arabic
Degree: 
Author: 
محمد سامي نوماس
Supervisor: 
الأستاذ المساعد الدكتور عبد الصمد سعدون ألشمري
year: 
2012

منذ عقود و(إسرائيل) تبذل جهوداً لإقامة علاقات مع الدول الإقليمية المحيطة بالوطن العربي ومن هذه الدول تركيا لكي تنفذ سياستها التي اعتمدت عليها( شد الأطراف ) بغية توظيف قدراتها استعدادا لتنفيذ مشروعها القائم على التوسع والعدوان .وقد ارتبطت تركيا مع (إسرائيل) بشبكة من العلاقات تارة في الخفاء وأخرى في العلن, وكانت تركيا أول دولة إسلامية تعترف (بإسرائيل) اعترافا واقعيا في العام 1949 لنيل وكسب دعم الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية, ومنذ ذلك التاريخ استمرت العلاقات التركية- (الإسرائيلية) بالتحسن التدريجي السري وفي مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية, وكانت تطرأ على منحنى العلاقات التركية- (الإسرائيلية) نوبات من الهبوط والصعود تبعا للظروف الإقليمية والدولية التي كان من أهمها الأوضاع في المناطق الفلسطينية, واتجاه تركيا نحو تحسين علاقاتها مع جيرانها العرب، خاصة في ظل تردي أوضاعها الاقتصادية وحاجتها الملحة للنفط العربي في العام 1973, وفي ظل المتغيرات التي عصفت بالنظام السياسي الدولي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانحسار نفوذه وطرح مفهوم النظام الدولي الجديد الذي كان من أولى أهدافه هو تأسيس مرتكزات جديدة تستند عليها الولايات المتحدة الأمريكية في حماية مصالحها فضلا عن ترسيخ الوجود (الإسرائيلي) في منطقة الشرق الأوسط.وسط هذا المحيط الدولي تصاعدت وتيرة التعاون التركي -(الإسرائيلي) وانتقلت إلى مجالات مهمة, إذ تم التوقيع على اتفاقيات اقتصادية مهمة كاتفاقية التجارة الحرة. وفي 23 شباط من العام 1996 تم توقيع الاتفاق الإستراتيجي العسكري – الأمني وقّعه مسؤولون عسكريون أتراك و(إسرائيليون). إذ وجدت تركيا علاقات متعددة الأوجه مع (إسرائيل) تراوحت بين تصنيع دفاعي مشترك وتبادل المعلومات العسكرية إلى التنمية الاقتصادية والعلاقات التجارية، وجرى أيضا إعداد خططاً ملائمة لتصدير المياه التركية بكميات كبيرة إلى (إسرائيـل). وبهذا الاتفاق وما تلاه من اتفاقيات مكملة له التي مازال بعضها قائما حتى الوقت الراهن, دخلت العلاقات التركية -(الإسرائيلية) مرحلة الشراكة الإستراتيجية بين الدولتين.كما أن هذه الاتفاقيات بين الدولتين لها تأثير على مستقبل المنطقة كلها وتمثل تتويجا لمرحلة متقدمة من العلاقات بين تركيا و (إسرائيل), وهذا التحالف يمثل ضمانه أكيدة لمنع بروز أي قوة إقليمية مناهضة لمصالحهما في المستقبل, وفي الوقت نفسه تنسجم مع طموحات تركيا ورغباتها في مجال تحولها إلى قوة إقليمية مؤثرة في المنطقة .كما قامت (إسرائيل) بتنمية وتغذية خلافات تركيا مع الدول العربية لعدة اعتبارات منهـا: أنّهما دولتان غير عربيتين في محيط عربي, لاسيما في ظل تمسك تركيا بالعلمانية, فضلاً عن قرب كل منهما للغرب, خاصة بعد انضمام تركيا لعضوية حلف الأطلسي (الناتو) في العام 1952. ومما زاد من اندفاع تركيا إلى المعسكر الغربي وحلفائه الخلافات التركية العربية القديمة والجديدة، كخلاف تركيا مع سوريا بسبب لواء الإسكندرونة ودعم سوريا لحزب العمال الكردستاني, وخلافاتها مع العراق أيضاً بسبب تقسيم مياه نهري دجلة والفرات وهجمات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق ضد تركيا .وبعد وصول حزب العدالة والتنمية من العام 2002 إلى السلطة اتخذت السياسة الخارجية التركية منحى جديد يقوم على أساس سياسة تصفير المشكلات وفقا لنظرية العمق الاستراتيجي التي وضعها وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو. وإزاء التغيرات التي حصلت في المنطقة من خلال الثورات العربية أو ما يسمى (بالربيع العربي) فقد سجلت لتركيا مواقف سلبية إزاء ما يحصل في سوريا وتوافقها مع الرؤية الأمريكية-(الإسرائيلية) بعد حالة الضعف التي يمر بها العالم العربي، فقد نظرت تركيا لمصالحها القومية نظرة خاصة على حساب سياسة تصفير النزاعات.