تنطوي دراسة المشاركة السياسية على أهمية كبيره بوصفها العملية التي يمكن للمجتمع من خلالها أن يسهم و يؤثر في تقرير الشؤون العامة والأمور السياسية عبر آليات تعزز اهتمامه السياسي وقنوات ترصن دوره السياسي في إطار العملية السياسية وبلورة مصالحه وتجميعها لممارسة نوع من الضغط على النظام السياسي لاتخاذ قرارات تحقق هذه المصالح، لكي يكون القرار السياسي ثمرة تفاعل مؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية والشعب بحق، كما أن المشاركة السياسية تحقق المساواة وتمنع الاستبداد من خلال احتفاظ الشعب بالسلطة وممارستها عبر ممثليه الذين يختارهم للتعبير عن إرادته، وبذلك هي التعبير العملي عن العقد الاجتماعي الطوعي، لا في مفهومه فحسب، بل في واقعه العملي أيضاً، فهي تحقق التداول السلمي والدوري للسلطة مما يخلق الاستقرار السياسي وهو الهدف المنشود الذي يرنوا إليه المجـتمع والـدولة على السواء. وبقدر تعلق هذا الامر بالعراق ينصب اهتمام الباحث على المشاركة السياسية فيه، فبعد سقوط السلطة السياسية في 9/4/2003 توفرت إمكانية ممارسة عملية المشاركة السياسية بإطلاق الحريات السياسية فظهرت العديد من الأحزاب السياسية ذات التوجهات المختلفة ومؤسسات المجتمع المدني ذات الاعداد المتزايدة، وهي من مستلزمات قيام وإنجاح عملية المشاركة السياسية، إضافة إلى مشاركة الكثير من أفراد الشعب لممارسة العمل السياسي من خلال الانخراط في عضوية الاحزاب السياسية أو المشاركة في مؤسسات المجتمع المدني أو المشاركة في الانتخابات بشكل غير قسري، فتوفرت قنوات للمشاركة السياسية، إلا أن المشكلة هي طبيعة تكوين هذه المؤسسات وعملها أي مدى اقترابه من قيم الديمقراطية أو ابتعادها عنها ومدى رسوخ هذه القيم في ممارسة العمل السياسي الديمقراطي سواء أكان من جانب النخب السياسية والمنظمات و أفراد المجتمع على السواء ومدى ما متوفر من وعي وإيمان للمجتمع بهذه القيم أي مدى توفر آليات العمل السياسي وهذا ما ستحاول الرسالة الإجابة عليه في ثنايا سطورها من خلال دراسة ما يفترض أن تكون عليه علاقة السلطة بالمجتمع وبالعكس وفقآ لمعيارالمشاركة السياسية الحقيقيه، ومن ثم اسقاط هذه النظرية على الواقع العراقي لمعرفة مدى اقتراب النظام والمجتمع أو ابتعادهما من القيم الديمقراطية وممارستها أو الوصول من خلالها للسلطة السياسية وتوليها.