لقد اخذت التكنولوجيا بترك بصماتها على المجتمع البشري منذ ان عرف الانسان توليد النار من قدح الاحجار وحتى عصر الاقمار الاصطناعية والاتصالات السريعة وتقنية المعلومات . ولم تكن التحولات التي افرزتها التكنولوجيا بعيدة عن الاطار النظري الذي يتكامل مع المرجعيات الفكرية والتطلعات العلمية بالمفكرين والكتاب المستقبلين ومع السلوك الحركي للايديولوجيا المركزية لمرحلة مايسمى بالرأسمالية الجديدة . وقدم { الفن توفلر } اشهر الكتاب الامريكيين العديد من المؤلفات في تفسير الظواهر الدولية ذات الصله المترابطة بالقيمة التكنولوجيا الجديدة المبنية على المعرفة والمعلوماتية هي الاساس في التحول الاجتماعي ، وذلك بتحجيم العالم وكأنه قرية صغيرة ولم يعد فيه اي مجتمع مها كان صغيرا ً او متخلفا ً او بعيدا ً او معزولا ً ، عن التأثيرات العالمية . وان هذا التحجيم للابعاد المكانية وسرعة الاحداث وتلاحق الانتاج والتطور التكنولوجي بحيث تمكنت التكنولوجيا في تغيير عادات الاستهلاك والحياة اليومية للفرد والمجتمع . وخــــلاصة هذه الفكـــــرة أنّ تطـــور المجتمعــــات الانســـــانية يمكـــن تقسيمهــــا الى ثلاث موجات رئيسة تعكس في الاساس التحــول الذي يطرأ على وسيلة الانتاج الرئيسة في المجتمع وقد مر بمرحلتين رئيستين هما موجة الاشتغال في الفلاحة والزراعة والاخرى موجة الاشتغال في الصناعة كنشـاط اقتصـادي رئـيس فـي العــالم وحاليـا ً يخترق العــالم المتقـدم حـاجزالموجـة الثانية لكي ينظم الى حضارة يكـون عمادهـا الاشتغـال بالمعلومات كنتيجة لتطور التكنولوجيا في مجال الاتصال والمعلومات وأدى التطـورفـي تكنولوجيــا الاتصالات والتكنولوجيا العسكرية والتكنولوجيا المستخدمة في الانتاج الى إحداث تـأثيرات عميقة فـي الحضـارة وشهد العصــر الحــالي سرعـة عالية في صناعة وسائل الاتصال وتطورهــا وخـاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات الالكترونية والتوجه نحو الاستخدام المتزايد للأقمار الصناعية فـأصبح المتغير التكنولوجي يخلق تقسيما ً دوليـا ً جديدا ً للعمل و يـــعد أهــم مدخــلات التغيير في الهيكليــة الدوليــة فأصبح التقدم التكنولوجـي لازما ً من أجل قوة الدولة على المدى البعيد ويوفر قوام قـوة المجتمع وحيويتـه فــإن التطور التكنولوجي الذي طرأ على التكنولوجيا العسكرية في تطور الاسلحة وقدراتها التدميرية ونوعياتها ومدياتها وتطور وسائل الهجوم الجوي المختلفة ، وكما نالت الاسلحة الكيمياوية والذرية والنووية قدرا ً كبيرا ً من التطور التكنولوجي وزيادة تأثير سلاحها الفتاك ، وتعد من الاسباب الجوهريـة التـي قـادت الـى نشوب الحربين العـالميتين الاولـى والثانية والتي كانت تعد مفصلا ً رئيسا ً في تطور مفهوم القوه وعلاقتها بالتكنولوجيا . وبعد انتهاء الحرب العالمية الاولى والحرب العالمية الثانية تمحور التبدل الجذري في المحور الأساس للنظام الدولي الى انقسام العـــالم الى معسكرين هما حلف الشمال الاطلسي ( الناتو ) وحلف وارسو . اي اصبح النظام الدولي يتمحور حول الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي السابق ، وقد ادى كل من الدولتين العظميين دورا ً اساسا ً في النظام الدولي من حيث القوه العسكرية والاقتصادية والتفوق التكنولوجي والصناعي والسيطرة على السياسة والعقائدية والامتداد الجغرافي والكثافة البشرية . وقد دخلت الدولتين العظميين سباق محموم للتسلح واتخذتا من التكنولوجيا وسيلة فعاله وسريعة لتحقيق الكسب السياسي واتخذتا من الايديولوجية عقيدة وغطاء لصراعهما ، واخذت تظهر افكار جديدة مستمدة من تأثير القوه النووية في نظريات الحرب وتغيير اصول وقواعد الصراع العالمي . وكان الردع النووي المتبادل هو سمة هذا الصراع خوفا ً من الخوض بحرب كونية نووية تجلب الدمار للبشرية . وانتهى الصراع بأنهيار الاقتصاد السوفيتي لثقل كاهله بالإنفــاق علـى تعزيز السـلاح النووي والأسلحة التدميرية والهايدروجينية في مرحلة سباق التسلح لهـذا بـدأت مرحلـــة جديدة في تطور النظام الدولي أستمدت أسسها ومنطلقاتها من النتائج التي تمخضت عنهـا تلك الحـرب { الباردة } من أنهيار لاحد المعسكرين المتنافسين ، وأنفراد المعسكر الغربي بتوجيه التفاعــلات الدولية وهيمنة قوى عظمى منفردة على العــــالم وكانت هذه المتغيرات للبيئة العالمية مدخلات أساسيـة لحصـول التحـول في النظـام الدولـي وتلك المتغيرات تمحورت حـول ثلاثة جوانب هي الارتقاء الاقتصــادي والتقدم التكنولوجـي والإعتمادية الإقتصاديـــــة المتبـــــادلة فالمتغيــــــر التكنولوجـــــــي يعــــــد تاريخيا ً أحد أهـم المتغيرات المؤثرة فـي التفكيـــــــر والنشــــــــــاط الإنسانــــــــــي فـــالتطور الــــــذي يصيب الأدوات المــــــــادية في المجتمع ينعكس علـى طبيعة ومستوى التفكيـر وأحتلـت الولايـات المتحدة الموقع القيادي في النظام الدولي بفضل ميزتها النسبية في القوة العـسكرية فضلاً عــن كونها أحد أضلاع مثلث الـقوى الاقتصادية والتكنولوجية وتتدرج بعدهــا القــوى الاخــرى التـي اصبحت تـحـتل قـمـة الـهرم الـدولي فـهي بـمثابة مـجموعة أمنية متحالفـة نتيجـة للعديـد مـن العوامـل منهــا الانتمــاء المشتــرك للمنظومة الرأسمالية والترابط والمصالح المشتركــة التــي تجمعهــا . وكـــان لــــرسم مـــلامح النظــــام الدولـــي الجـديـد أهميـة كبيرة من خلال آمتلاكـــه لمؤسسات فاعله قادرة على إدارة التفاعلات فيه ومن ثم يصبح نظاما ً للقطبية الأحادية واقعا ً راسخــا ً يمتلك الأدوات التــي تضمن استقـراره واستمراريته ومن ثم اصبحت الهيمنة الأمريكية واقعا ً لامفرمنه لكون الولايات المتحدة قد سعت نحو ضمان ديمومة موقعها المهيمن عبر آنتهاج سياسات تخدم ذلك الهدف دون مراعاة لتطلعات وأهداف القوى الدولية الاخرى، ويتمثل النظام الرأسمالي بأوسع نطاق للقدرة على الإنتـاج بنسبة أقل من الإستهلاك كون تلك الدول وصلت الى حالة من التشبع فقد قاد الارتقاء والابتكــار العلمــي والتكنولوجـي الى جعل الصراع العالمي متركزا ً على التغيرات الاقتصادية العالمية وظهرت نـزعة جـديـدة نحو السيطـرة والتحكــم بـالقرار الاقتصــادي الإستراتيجــي في العالم فقد أصبح الاقتصــاد هـو المحرك الحقيقـي للعلاقات الدولية وعلية فإن من يمتلك القرار الاقتصادي يستطيع التحكم بالقرارات الستراتيجية الدولية .أما من الجانب لعسكري فقد أعتمد الامن القومي على طبيعة التكنولوجيا العسكـرية ومســتواها إذ يفرض التغير الــتكنولوجي على الدولـة أن تغير أســلوبها في تأمــين نفسها من خـــلال تـــأثير تلك التكنولوجـــيا فــي العلــوم العسكريــة ولاسيمــا فيما يتعلق بالاسلحة وتقنيات الرصد والاستطــلاع فالوسائــل العسكريـة الحديثة من الاقمار الى الغواصات مبنية من مكونات الكترونية غنية بالمعلومات .ن الاستراتيجيــة الأمريكيــة توضع لتحقيق الأهــداف الغربيــة والأمريكية عن طريق توظيف تكنولوجيـــا الإعلام وثورة المعلومات في ظل الصراع الدائر بين حضارات العالم وثقافاتها تزداد قيمة المعلومـات وتوظيفهـا في العلاقات الدولية ، فإن تدفق المعلومات التي يمارسها الغرب الصناعي اليوم تحمل في طياتها تهديدات ومخاطرجديدة على الثقافات الوطنية في دول العالم الثالث ، فنحن بحاجة الى تحصين أمننــا الثقــافي والحــفاظ عليـة وسط هذا الجو العاصف من المتغيرات والتطورات المعلوماتية الكبيرة لذا يشهد العــالم اليوم فصلا ً أخر من فصول التـاريخ الإستعماري تحاول فيه الدول الكبرى مرة أخرى السيطرة على الدول الصغرى بــآستخدام وسائل وتقنيات جديدة بسياسة الاستحواذ على العالم من خلال التكنولوجيا وسبب التطورات الكبيرة في المجال التكنولوجي . ولعل أبرز مظاهرهذه الثورة يتمثل في أنتشار الانترنيت على نطــاق واسع وظهر مفـــهوم { العـولمـــة } وكــأنها عصا القيادة التي تصدر الاوامــر لضبط المفهـوم السيــاسي يعدهــا عمليــة تاريخية تفسرهــــا التحــولات التكنولوجية في مجال الإعــلام والإتصــالات والمعلوماتيـة يعدهــــا إطــــاراً فكريا ً ونظاما ً ومذهبا ً معينا ً يعبر عن حضارة معينة وهو مرادف للأمركة بكل ماتتضمنة من توجهات وأفكار وسياسات .