يعد اقليم اسيا - الباسفيك من الاقاليم بالغة الاهمية على الصعيد الاستراتيجي والاقتصادي والسياسي والعسكري والثقافي، اذ مارست قوى الاقليم دوراً بارزاً في بناء النظام الدولي في مراحل تاريخية مختلفة وساهم في صياغة الاستراتيجيات ومجريات الحروب العالمية، اذ يحتوي على اكبر عددٍ من القوى العظمى والكبرى التي شكلت حضوراً مميزاً في التوازنات الدولية السابقة وكذلك في الحاضر والمستقبل كالولايات المتحدة الامريكية، هذا الى جانب قوى كبرى بازغة مضطردة التطور مارست ادواراً فاعلة كاليابان والصين وروسيا والكوريتين، فضلاً عن النمور الاسيوية. اذ ان هذه الدول تضطلع بأدوار اقليمية ودولية تحقيقاً لمصالحها واستجابة لقدراتها المتصاعدة، بل ان البعض منها ينوه بشكل او بأخر لفرض نوع من السيطرة على الاقليم من خلال استراتيجية فاعلة تكون غايتها قيادة المنطقة والمشاركة في بلورة متغيراتها وتحديد شكل التفاعل الاستراتيجي للقوى الفاعلة تحت ذرائع او حجج مختلفة ابرزها الاستقرار الامني والحفاظ على التوازن في الاقليم. ان اهمية المنطقة دولياً وقدرات اطرافها من جهة ، وتداخل الثوابت والقيم والاهداف الذاتية مع اهداف واستراتيجيات قوى عظمى ودولية فاعلة خارج الاقليم من جهة اخرى، يجعل الاهتمام بدراسة الاقليم ومستقبله حتمية وضرورة دولية اكثر من كونها اقليمية فقط. كما ان حجم تداخل الاهداف الدولية والاقليمية للاطراف المعنية يمنح الموضوع اهمية اخرى، اذ تطلق العنان لذهن المتتبع للاجتهاد بمستقبل التفاعلات في هذا الاقليم وتوجهاتها، ولاسيما ان قدرات اطرافه تمنح مجالاً واسعاً لذلك. وفي ضوء هذا الواقع فأن التنافس هو احد اشكال التفاعلات اقليماً، ولانه في جانب كبير منه يهدف لنوع من التأثير في توجهات المنطقة ، فأن الدول الاكثر قدرة تأثيرا هي الدول الاكثر مجالاً لتوجيه تفاعلات المنطقة بما يتواءم مع توجهاتها الاقليمية والدولية. وعليه فأن كلاً من الصين واليابان هما الاكثر تأثيراً في الاقليم بعد الولايات المتحدة الامريكية وذلك لتأريخهما وقدراتهما الى جانب الرغبة في ممارسة الدور الاقليمي الفاعل. وعليه فأن التنافس او مايمكن ان نطلق عليه مجازاً بالتسابق لتأمين مصالحهما سوف يحكم العلاقات بين الصين واليابان. لأجل التوقف على طبيعة العلاقات الصينية – اليابانية بشكل عام والتنافس بينهما حالياً ومستقبلاً بشكل خاص، جاءت هذه الدراسة كمحاولة علمية لهذا الغرض. اذ انها تحاول تسليط الضوء على التنافس الصيني – الياباني بعد الحرب الباردة بوصفها الحقبة الزمنية التي ستؤسس لمستقبل العلاقة الثنائية بينهما، اذ ان هذه الحقبة فسحت المجال واسعاً لعناصر قوتها الاقتصادية والتكنولوجية التي اصبحت من ابرز دلالات القوة والتأثير الدولي. علماً ان الدراسة لم تهمل المراحل السابقة كمرحلة الحرب الباردة، وذلك حسب متطلبات البحث العلمي.