كان لأحداث 11 ايلول 2001 و ما ترتب عليها من واقع جديد أثر واضح على إستراتيجية الولايات المتحدة لما انطوت عليه من إجراء تغيير شامل لعقيدتها التقليدية و استراتيجيتها الأمنية ، بحيث تراجعت هذه الاخيرة عن مبدأ الاحتواء و الردع الذي ظل مطبقاً طيلة فترة الحرب الباردة و استبدلت باستراتيجية تقوم على الضربات الوقائية و الاستباقية . و مع إن الولايات المتحدة بعد احداث 11 ايلول 2001 يمكن ان تكون قد أصبحت اكثر عرضة للتحديات إستناداً الى إدراكها لهذه التحديات، إلا ان ذلك لا يلغي انها لازالت القوة العالمية الوحيدة التي تمتلك كل مقومات القوة الشاملة للدولة ، و هذا بحد ذاته شكل دافعاً قوياً لها ؛ لاستثمار الوضع الجديد لما بعد تلك الاحداث بما يحقق اهدافها و مصالحها في القرن الحادي و العشرين . و بغض النظر عن حقيقة أحداث 11 ايلول 2001 سواء كانت تلك الاحداث منصنع جهة او جهات خارجية أم مدبرة اميركياً ، فالولايات المتحدة استطاعت ان توظفها سبيلاً لإعلانها عن تطبيق استراتيجية تعكس تطلعها للاحتفاظ بمكانة الريادة العالمية استناداً الى آليات أهمها الاحتفاظ بقوات عسكرية متفوقة على اية قوات عسكرية اخرى مع تميزها بقدرات قتالية و قدرة على الانتشار السريع في اي مكان في العالم و امتلاكها لدرجة عالية من الاستعداد بما يضمن لها الرد السريع لمواجهة اي تهديد او موقف طاريء و عبر الرد بأسلوب وقائي استباقي يوجه الى اي طرف يُحتمل ان يشكل تهديداً على أمن الولايات المتحدة و مصالحها الحيوية وان لم يكن هذا الطرف قد أظهر نية العداء او مارس عملاً تهديدياً فعلياً ضد الولايات المتحدة .