ان تقديم الشكوى او الاخبار عن الجرائم المرتكبة حق ً كفله القانون لجميع الافراد في المجتمع وان هذا الحق يرتقي في بعض الحالات ليتخذ طابع الواجب القانوني ويقع من احجم عنه تحت طائلة العقاب الا ان هذا الحق يجب ان يمارس في الحدود التي رسمها القانون وفي اطار حسن النية وبخلاف ذلك فأن الفعل في ممارسة هذا الحق ينقلب الى فعل أجرامي يعاقب عليه القانون .اذ ان تقديم الشكوى او الاخبار الكاذب عبر البريد الالكتروني او الهاتف النقال الذي تخصصه الجهات المختصة لتلقي الشكوى او الاخبار عن الجرائم يعد وسيلة لقيام جريمة الاخبار الكاذب عبر وسائل الاتصال الحديثة كأن يرسل المخبر اخباراً الى الجهات الادارية عبر الخط الساخن المخصص للاخبار عن الجرائم يتضمن تلفيق واقعة جرمية كاذبة الى شخص معين يعلم مسبقا ً براءته منها بغية الاساءة الى سمعته ومكانته الاجتماعية فضلا عما يترتب على ذلك من ارهاق لمرفق القضاء واشغاله باخبارات كاذبة لا اساس لها من الصحة وقطعا ً لدابر تلك الاخبارات الكاذبة وردعا ً لمن يقوم بتقديمها فقد جاء القانون ليفرض عقاب على من يقوم بذلك وتعد جريمة الاخبار الكاذب الحد الفاصل بين الاستعمال المشروع لحق تقديم الشكوى او الاخبار المقرر لجميع الافراد وبين اساءة استعمال مثل هذا الحق ففي الصورة الاولى وهي الاستعمال المشروع للحق لا تتحقق معه جريمة الاخبار الكاذب طالما ان الاخبار او الشكوى يستند الى وقائع صحيحة ويقوم على حسن النية وفي الصورة الثانية وهي الاستعمال غير المشروع للحق تتحقق معه جريمة الاخبار الكاذب طالما ان الاخبار او الشكوى ينطوي على وقائع كاذبة ويستند الى سوء النية واذا كان الاستعمال غير المشروع لذلك الحق ينشأ معه جريمة الاخبار الكاذب فأن تجاوز حدود الواجب في الاخبار عن الجرائم يحتمل ان يترتب عنه جريمة الاخبار الكاذب وجريمة الاحجام عن الاخبار وذلك بحسب طبيعة نشاط المتجاوز لإداء الواجب في الاخبار ولقد ازدادت ظاهرة الاخبارات الكاذبة عبر وسائل الاتصال الحديثة في الآونة الاخيرة حتى اصبحت تشكل عائقا امام السلطات المختصة تشغلها عن اداء مهامها الاساسية ومن هنا جاءت محاولتي للكتابة في هذا الموضوع اذ رغبت ان يكون هذا الموضوع حياً ذا اهمية عملية والا يكون مطروقا ً سابقا ً فعلى الرغم من إيماني ان نقل العلم وتأييده اعلاء لشأنه وخدمة للإنسانية الا انني وجدت ان اغلب الموضوعات المعتادة قد تناولها اكثر من باحث حتى كاد ينفذ مضمونها فضلا عن ان الفقه العراقي لم يعط عناية كبيرة لهذه الجريمة سوى ماهو موجود في بعض شروحات كتب قانون العقوبات ( القسم الخاص ) والتي تناولت جريمة الاخبار الكاذب بصورتها التقليدية حيث لم تصدر كتب ولم تكتب (رسائل على حد علمي) تتناول جريمة الاخبار الكاذب عبر وسائل الاتصال الحديثة وهو ما شجعني على البحث في هذه الجريمة لشرحها من جوانبها كافة .