تعدُّ قضیة البیئة بجوانبھا المتعددة ، ولاسیما ما یتعلق منھا بوسائل حمایتھا والمحافظة على مواردھا بوصفھا تراثاً مشتركاً للإنسانیة جمعاء من أبرز القضایا التي نالت ولاتزال قدراً كبیراً من الإھتمام الدولي خلال العقود الاخیرة على المستویین الوطني والدولي على حدٍ سواء ، ومرجع ذلك الى إن البیئة بمفھومھا الواسع تمثل القاسم المشترك الأعظم لمختلف القضایا والمشكلات الدولیة ذات الطابع الإجتماعي والثقافي والأمني .إن الجھود الرامیة الى حمایة البیئة وصیانتھا على الصعید الداخلي لایمكنھا بأي حال من الاحوال أن تؤدي الى تحقیق غایاتھا ما لم تقترن بجھود على صعید آخر ، المتمثل في العلاقات الدولیة والتعاون الدولي المشترك ، نظراً لطبیعتھا العابرة للحدود ، ومن ثم فأن أي جھود لصیانة البیئة داخل أقالیم الدول الأعضاء في التنظیم الدولي المعاصر سوف تبقى محدودة الفعالیة ما لم تتظافر الجھود الدولیة في إطار قانوني دولي یكفل حمایة البیئة من خلال تحقیق التعاون الدولي لتجنب وتقلیل الأخطار التي باتت تھدد البیئة .وجدیر بالذكر إن الحروب لم تعد المصدر الرئیس لتھدید الأمن والسلم الدولیین ، إذ أضحت ھنالك تھدیدات جدیدة تماثل إن لم تكن تفوق آثار الحروب على الدول مثل المجاعات وتلوث البیئة ، كما إن الحدود الجغرافیة والسیاسیة لم تعد قادرة على الفصل بین الدول إذ إنھا غیر قادرة على عزل الشعوب والمجتمعات عن عوامل التأثیر الخارجي أو دفع الأضرار التي یسببھا الأخرون ، ومثال ذلك الأضرار والملوثات التي تنجم عن تآكل طبقة الأوزون وماتسببھ من إرتفاع درجات حرارة الجو أو تسرب الأشعاع النووي ، وعدم قدرة الدول على معالجتھا بصورة منفردة بل تحتاج الى عمل جماعي دولي ومنسق .
