بالرغم من أفتقار المجتمع الدولي الى سلطة مشرعة ، تعلو أرادة الدول وتفرض قواعده جبراً عند الأقتضاء ، فقد وجدت مجموعة من المبادئ والقواعد التي تحكم سلوك وتصرفات الدول والمنظمات الدولية كونت في مجموعها قواعد القانون الدولي العام ، ومع ذلك يرى البعض أن مبدأ السيادة لايزال يضفي على قواعد القانون الدولي صفة الرضائية ، فلا يتصور أستمرار القاعدة الدولية إلا إذا أستمر الرضا بحكمها . وعليه لاتوجد قواعد فوق أرادة الدولة وإن أستمرار وجود قواعد القانون الدولي مرهون برضا الدول .وينشأ في الدول عدد كبير من المبادئ العليا والأسس الجوهرية التي تحرص الدولة على ضمان أحترامها بأعتبارها من ضرورات أستمرار العلاقات الدولية وأحد المقومات الأساسية في المجالات السياسية والأقتصادية ، والمزايا المالية أحد تلك المبادئ التي نشأت وتطورت عبر العصور الماضية من مجرد ميزة تمنحها الملوك والأمراء للسفراء والمبعوثين على أساس المجاملة ، الى عرف دولي أخذت تتطور أشكاله حتى أستقتها الأتفاقيات الدولية وقننها القانون الدولي ، لتصبح هذه المزايا المالية من المبادئ الملزمة، وأضحى أحد أهم المبادئ التي يسعى المجتمع الدولي لجعله الأساس الذي يرتكز عليه في بناء العلاقات الدولية المتوازنة وحيث إن المجتمع الدولي يعتبر كل قاعدة تقبلها الجماعة الدولية في مجموعها وتعترف بها بأعتبارها قاعدة لايجوز الأخلال بها .فكان لابد أن تتوافق هذه القواعد مع القوانيين الداخلية الوطنية للدول درءاً للتنازع في الأختصاص ، فحثت الأتفاقيات الدولية التشريعات الوطنية على تضمين نصوص تشريعاتها المزايا المالية ، فكانت المزايا المالية المتمثلة بالأعفاءات الضريبية في القوانين الداخلية تعد من القواعد غير الثابتة وتتغير بحسب نظرة الدولة السياسية والأقتصادية ، وأيضاً فأن القواعد التي تضمنتها قوانين الضرائب سواء أكانت المباشرة منها أم غير المباشرة تحمل في طياتها ميزة الأعفاء من الضريبة لأشخاص القانون الدولي ، لكن المعلوم أن هذه الميزة تخضع للمتغيرات السياسية والأقتصادية والتأثير الدولي ، غير أن هذه المزايا تبقى راسخة ولاتنعدم لأنها شديدة الأرتباط بالعرف الدولي وحياة أي مجتمع منظم وقد ناقشنا المزايا المالية لأشخاص القانون الدولي العام في التشريع الضريبي ، في ثلاثة فصول ، مسبوقة بمقدمة ، وختمنا بحثنا بخاتمة توصلنا فيها إلى العديد من الإستنتاجات والتوصيات ، وفي الفصل الأول تناولنا التعريف بأشخاص القانون الدولي والمزايا المالية ومقاصدها ، وأستعرضنا في الفصل الثاني المزايا المالية لأشخاص القانون الدولي في الضرائب المباشرة ، وناقشنا في الفصل الثالث المزايا المالية لأشخاص القانون الدولي في الضرائب غير المباشرة .