عرفت المجتمعات البشرية منذ القدم الحرب كوسيلة من الوسائل التي تلجأ اليها في حل المنازعات الدولية ، وان هذه الحروب قد تكبد خسائر بالاموال والارواح اضافة الى انها تسيء من العلاقات الدولية على نطاقه في المستوى الدولي ، وبعد ان ادركت الشعوب النتائج السلبية المترتبة على الحروب في حل المنازعات الدولية ، اتجهت للبحث عن قواعد جديدة تضمن فيها حياتها وديموميتها وحماية لمصالحها وامانيها القومية وتوصلت الى اتباع المفاوضات لحل المنازعات الدولية وتتم هذه المفاوضات من خلال المبعوثيين الدبلوماسيين الذين توفدهم دولهم الى دول اخرى ، وتكون اهم واجب يلقى على عاتقهم تمثيل دولهم وحماية مصالحها في الدول الاخرى ، وهو ما يطلق عليه في السابق باسم الرسول ، وكان في بداية عملية التمثيل الدبلوماسي ، اي اعتداء يوجه عليه يمثل اعتداء على أمته واهانة لكرامتها ، وفي حالة لو حدث عكس ذلك من حيث الاحترام والتقدير فانه يعد احتراماً وتقديراً لأمته ايضاً ، ولهذا نجد ان هناك دول ومنذ زمن بعيد قد تفاخرت في مدى الامتيازات والحصانات التي تمنح للمبعوث الدبلوماسي ، من أجل تمكينه على ممارسة مهام وظيفته المكلف بها على أتم وجه ، وخلال مسيرة التاريخ تطورت قواعد الحصانة القضائية تبعاً لتطور العلاقات بين الدول وكان متضح دوراً بارزاً في هذا التطور والذي يرجع في اسبابه الى العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، واذا كانت ممارسة الدولة لاختصاصاتها الاساسية الثلاث المتمثلة بالتشريعية والتنفيذية والقضائية ، فان قواعد الحصانة القضائية تعد من البنود الاساسية التي تفرض على الدولة عند ممارسة تلك الاختصاصات، لان الدولة المعتمد لديها المبعوث الدبلوماسي لو اخطأت في فهم وتطبيق قواعد الحصانة القضائية للمبعوث الدبلوماسي ، يرجع هذا الخطأ وبصورة اساسية الى دولته وليس اليه شخصياً ، مما يؤدي الى قيام المسؤولية الدولية قِبل الدولة التي انتهكت حصانة مبعوثها وقد اتجهت في هذا البحث الى بيان القواعد العامة للحصانة القضائية على ضوء التعامل الدولي واحكام قوانين الدول والاراء القانونية متخذاً من اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 والتطبيقات العملية لها في العراق كاساس قانوني يستند اليه هذا البحث ، وقمت بتوزيع موضوع البحث على ثلاثة فصول رئيسية يسبقها فصل تمهيدي ، تطرقنا فيه الى مفهوم الحصانة القضائية وتطورها التاريخي ، اما الفصل الاول من هذا البحث تعرفنا فيه الى مصادر الحصانة القضائية للمبعوث الدبلوماسي من خلال تقسيمه على اربعة مباحث تناولنا فيها كل مصدر من هذه المصادر على حدة ، وتناولنا في الفصل الثاني انواع الحصانة التي يتمتع بها المبعوث الدبلوماسي ، من حيث الحصانة المدنية والجزائية والحصانة من اجراءات الشهادة وتنفيذ الاحكام الجزائية ، أما الفصل الأخير من هذه الرسالة بحثنا في كيفية مثول المبعوث الدبلوماسي للقضاء أو بعبارة أخرى بينا الاجراءات القانونية التي يمكن من خلالها مقاضاة المبعوث الدبلوماسي عن أعماله وتصرفاته غير القانونية ، وختمنا بحثنا لهذا الرسالة بخاتمة تضمنت مجموعة من المقترحات والتوصيات ونسأل الله عز وجل ان تكون قد وفقنا في هذه الرسالة الى شيء يفيد المسيرة العلمية بصورة عامة وفي العراق بصورة خاصة .