الحقيقة التي لا مراء فيها أن مجلس الأمن هو الذي يتحمل التبعات الرئيسة في أمر حفظ السلم والأمن الدوليين على وفق ما تنص عليه المادة الرابعة والعشرونه من ميثاق الأمم المتحدة بقولها ((رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به الأمم سريعاً وفعالاً يعهد أعضاء تلك الهيئة إلى مجلس الأمن في أن يكون نائباً أو وكيلاً عنهم في القيام بالواجبات التي تقتضيها هذه التبعات)). وزود مجلس الأمن لهذا الغرض بسلطات تتناسب وجسامة المهمة الملقاة على عاتقه ، ووجدت هذه السلطات ضالتها في نص المادة (39) من ميثاق الأمم المتحدة والتي مفادها ((لمجلس الأمن أن يقرر ما إذا كان قد وقع عملاً من أعمال تهديد السلم أو الإخلال به ، أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان ، فله أن يقدم توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه)) . ويعد موضوع الاهتمام بحقوق الإنسان وحمايتها من الانتهاكات التي تصيبها بين الحين والآخر من أكثر الموضوعات حساسية في القانون الدولي والعلاقات الدولية ، خاصةً إذا ما علمنا أن حقوق الإنسان لم تعد مسألة داخلية كما كانت في السابق ، وبالتالي تدخل ضمن المسائل التي تعد من صميم السلطان الداخلي للدولة ، بل أنها باتت مسألة دولية ويتعين على المجتمع الدولي أن يتدخل في اللحظة التي يشعر فيها بأن انتهاكاً ما قد أصاب هذه الحقوق مما يستدعي أن نتساءل الآن ، هل توجد ثمة علاقة بين انتهاكات حقوق الإنسان وتهديد السلم الدولي ؟ بمعنى آخر هل يعد انتهاك حقوق الإنسان عملاً من أعمال تهديد السلم بالمعنى الوارد في نص المادة (39) من ميثاق الأمم المتحدة ؟ وبالتالي يحق لمجلس الأمن أن يتخذ توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير لحفظ السلم والأمن الدوليين أو إعادته إلى نصابه ، وإلى أي حد ينبغي أن يتوقف اختصاص مجلس الأمن ؟ وإذا ما تجاوز المجلس حدود الاختصاص الموكل إليه بموجب أحكام ميثاق الأمم المتحدة ، فهل ثمة أداة رقابية تنهض لإيقافه عند حده ؟كل هذه التساؤلات جديرة بالبحث والاهتمام ، وستجد إجابات شافية ووافية لها في صفحات هذه الرسالة .