منذ نشأت الدولة باعتبارها كيانا سياسيا وإجتماعياً ارتضته الجماعة البشرية فقد أصبح لها دورها في تحقيق مصالح الجماعة التي تخضع لسيادتها وتوفير سبل الأمن والأمان لها وإتاحة الفرصة للمواطنين للانتفاع بالخدمات التي يحتاجون إليها عن طريق أجهزتها الإدارية ومرافقها المختلفة و لا يمكن للدولة ان تنهض بهذه الأعباء إلا عن طريق أداة تقوم بهذا العمل وهذه الأداة التي تستعين بها الدولة في إدارة مرافقها وتوفير الخدمات لمواطنيها تتمثل في الموظفين العموميين الذين تعهد الدولة إليهم بتسيير مرافقها العامة والنهوض بخدمة جمهور المواطنين في مختلف الأجهزة والإدارات حيث ان الموظف هو أداة الدولة في تحقيق أهدافها لذلك فقد حرصت الدولة على انتقاء هؤلاء الموظفين وفرضت شروطاً لتقلد الوظيفة العامة ومن أهمها السلامة البدنية والعقلية وذلك حسب نوع العمل المنوط بالموظف منذ المباشرة في الوظيفة وحتى نهاية خدمته تظل هذه الشروط عالقة بحيث إذا فقد بعضها او كلها لم يعد صالحاً بالاستمرار في السلك الوظيفي .ولما كانت الدولة تعتمد في إدارة مرافقها على الموظفين العموميين كما أسلفنا لذا فإنها إقتضت بالضرورة تخويلها بصلاحيات وسلطات في مواجهة الموظف إذا ما انحرف في عمله عن جادة الصواب او سلك بالوظيفة العامة سلوكاً لا يتفق مع مقتضياتها والاحترام الواجب لها وبهذه المثابة فقد شرعت نظم تأديب الموظف العام لمؤاخذته عن كل ذنب أداري يرتكبه ويشكل بدوره أخلالاً منه بواجباته او يتعارض مع ما يحب ان يكون عليه من استقامة وأمانه وحسن أداء للعمل ومحافظة على المال العام فأن العقوبة تكون زجرا له وردعا لغيره من الموظفين حتى يستقيم العمل ويستمر أداء المرفق لدوره في خدمة المواطنين هذا وتتنوع العقوبات التأديبية بحسب طبيعة الخطأ الإداري ومدى جسامته وتتدرج العقوبات تدرجا تصاعديا بحسب جسامة هذا الخطأ الإداري وقد استقرت معظم التشريعات المعاصرة في بلدان العالم على وضع نظام لتأديب الموظفين العموميين بوصفه نظاماً قانونياً له ضرورته وأهميته في استمرار قيام الدولة بدورها المرسوم لها وتحقيق حسن أداء المرفق العام لوظيفته وحتى يطمئن الناس ويستقر في وجدانهم بأن الخطأ لابد وان يواجه بالعقاب وهو ما يشيع الثقة في الجهاز الإداري للدولة فالنظام التأديبي يقوم على فكرة النهوض بالمصالح العامة و لا يتحقق هذا الهدف إلا عن طريق معاقبة كل من يحيد من الموظفين عن طريق الاستقامة ومن ثمّ فأن كل خطأ يقع من الموظف في أثناء الخدمة ويمس عمله الوظيفي او كرامة الوظيفة واعتبارها يستوجب المؤاخذة التأديبية فأساس المسؤولية التأديبية للموظف هو وجود خطأ معين من الموظف يشكل اعتداء مباشراً او غير مباشر على المصلحة العامة للجهة التابع لها الموظف وان الأخطاء التأديبية غير محددة قانوناً على سبيل الحصر وكما سنوضحه لاحقاً.ان الموظف أصبح يمثل الشريحة الكبيرة في المجتمعات كافة وخاصة المجتمع العراقي بعد رُفع دخله المعاشي حيث أصبح طموح معظم أفراد المجتمع ان يكونوا موظفين بدوائر الدولة حيث يجد الفرد من الوظيفة خير ضامن لحقوقه الاقتصادية والاجتماعية, وان لكل شريحة من المجتمع لابد من قانون ينظم حياة تلك الشريحة بدءا من أصغر وحدة في المجتمع وهي الأسرة حيث نجد إن رب الأسرة ينظم حياة أسرته من الناحية الاقتصادية ويضع ميزانية لمصروفات الأسرة, وكذلك ينظم العلاقات بين أفراد أسرته فتارة يعاقب المسيء وتارة يثيب المؤدب وكذلك ينظم العلاقات مع المجتمع الذي يحيط بأسرته من حيث الصلة بالأقارب أيمانا بما جاء به ديننا الإسلامي الحنيف بما يأمر به من صلة الرحم بقوله تعالى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُم أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ). وغيرها من القوانين التي تنظم شؤون الأسرة و المجتمع وما جاء به القران الكريم ونحن إلى يومنا هذا نستنير بها و نطبقها في قانون الأحوال الشخصية حرفياً لان حلال محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حلال الى يوم القيامة وحرام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حرام الى يوم القيامة ). تتزاحم القوانين فيها بينها لكي تنظم حياة المجتمع حيث صدور قانون في زمان معين ثم يأتي قانون في زمان آخر لينسخه بقواعده الجديدة وكذلك صدور قانون في مكان معين نجده لا يجد له قبولا في دولة أخرى كأن لتعارضه مع أعراف تلك الدولة وقيمها وغيرها من الأسباب.