ظاهرة القرصنة البحرية من اخطر الظواهر الإجرامية التي تهدد مصالح المجتمع الدولي كله ، فقد انتشرت هذه الظاهرة واتسع نطاقها في خليج عدن وجنوب غرب المحيط الهندي قبالة السواحل الصومالية ، كما وصلت إلى السفن المارة قبالة السواحل الكينية وشواطئ تنزانيا ومدغشقر ، ثم امتدت إلى الشرق حتى وصلت السواحل العمانية في بحر العرب وخليج عدن ومضيق باب المندب ، وقد أصبحت تهدد حركة التجارة العالمية تهديداً خطيراً وتنذر بعواقب وخيمة على الأمن والاستقرار الإقليمي للدول الواقعة على خليج عدن والبحر الأحمر ودول القرن الإفريقي ، وتضر بالملاحة البحرية العالمية وتهدد سلامة البيئة البحرية .وإذا كان النظام القانوني للبحر العام يقضي بالا يخضع هذا البحر لأي قانون وطني ، فليس معنى ذلك أن يترك البحر العام مسرحا ً للجرائم والفوضى ، وعند ذاك لا معنى للغرض الذي من اجله تقرر مبدأ حرية البحار المتمثل في توطيد الأمن والسلام لمن يعبرها ، ولما كانت القرصنة البحرية جريمة بحرية دولية ، فان الدول ظلت عاكفة على محاربتها حتى باتت جريمة القرصنة البحرية مجرمة بناءاَ على القوانين الداخلية للدول ، كما أصبحت مجرمة في القانون الجنائي الدولي بناءاً على الأعراف والاتفاقيات الدولية .وقد شهد مسرح الأحداث الدولية ارتكاب العديد من جرائم القرصنة البحرية ، ونظراً لتعاظم آثارها وتداعياتها ، أصبحت القرصنة تمثل جريمة ضد النظام الدولي ، ومصالح الشعوب الحيوية ، وامن وسلامة وحقوق وحريات الأفراد الأساسية .وتكمن مشكلة دراسة جريمة القرصنة البحرية في كون الموضوع يحتاج إلى تحديد وتعريف واضح وجلي ، وبالرغم من إن هذه الجريمة موغلة في القدم ، إلا إن الفقه الجنائي الدولي لم يضع لها تعريفا محددا ، وكذا الحال جاءت الاتفاقيات الدولية مبهمة وغير واضحة تماما في تحديد مفهوم القرصنة البحرية ، ولعل السبب في ذلك يعود لتداخل هذه الجريمة بجرائم دولية أخرى متشابه في العناصر والآثار والنتائج .