لا نغالي إذا ما وصفنا الإرهاب بقصة يؤلفها الساسة كل بأسلوبه لتحقيق مآرب تحكمها المصلحة, إذ وصل الأمر إلى أن اصبحت أصابع الاتهام متبادلة بين السياسيين , كل منهم يتهم الآخر بأنه إرهابي. -أن الإرهاب-الذي صار سلعة سياسية يصدرها بعض السياسيين إلى بعضهم الآخر- اصبح ظاهرة قانونية على الصعيدين الدولي والداخلي, فلم يقتصر الأمر على العمليات الموجهة من دولة إلى أخرى, بل أمتد إلى داخل حدود الدولة نفسها.لقد تعددت أساليب الإرهاب ومظاهرها في السنوات الأخيرة, ولجأ الإرهابيون إلى استخدام وسائل العلم الحديث وتطبيقاته؛ للوصول إلى أغراضهم, وتحقيق أهدافهم . ومع ظهور شبكة الأنترنت- الذي أصبح في السنوات الأخيرة وسيلة اتصال- بامتياز- لما يسمى بالجماعات الإرهابية, ولاسيما تلك المرتبطة بالجماعات المنظمة, لدرجة باتت هذه الوسيلة تشكل إحدى وسائلهم الإعلامية, وظهرت- تبعا لذلك- مصطلحات, ومفردات, ومفاهيم جديدة وصلت إلى الانترنت مثل: مصطلح "الإرهاب الإلكتروني".وتفيد هذه الجماعات مما توفره شبكات الانترنت من خدمات عبر العنوانات الالكترونية, وما يسمى بغرف الدردشة؛ للدعاية, ولنشر أفكارها, كما إنها تستعمل وسيلة الاتصال هذه؛ لتجنيد عناصر جديدة, وجمع التبرعات وأحيانا لوضع الخطط.واستكمالا لتوسع «الإرهاب» بمختلف أشكاله, بدأت مرحلة ظاهرة الإرهاب الشبكي, الذي يستهدف الأمن القومي الدولي, ولاسيما في مجال التكنولوجيا, فوجد أن المعادلة التي تجمع قطاعات الكهرباء, والاتصالات, والكومبيوتر, هي من الركائز الضرورية للأمن الاجتماعي والأمن القومي,وتبين أن المصادر التي يعتمد عليها من يريد القيام بهجوم رقمي متوافرة, ومنتشرة بين عامة الناس, وتتألف من جهاز كومبيوتر, ونقطة اتصال بالانترنت. ورأت أن المستخدمين- عامة وبينهم الشركات- لا يقدرون حقيقة الخطر المتأتي من أي فوضى قد تطول الشبكات الرقمية وأجهزة الكومبيوتر.إن معظم الجرائم الإرهابية مرتبطة بالانترنت- المسرح المفضل للمتطرفين- فالفريق الإرهابي يقتل, والثاني المتطرف يسوغ ,ويحرض, ويجند. والذي جعل الانترنت وسيلة فعالة كونها سهلة الاستخدام, وسريعة الوصول إلى الجمهور, ورخيصة الثمن, وساحة حرة, بلا رقيب على ما يكتب, ويشاهد؛ وأهم سبب لذلك إنها بعيدة عن أعين الكبار. وحان الوقت لضرورة ملاحقة المسؤوليين عن هذه المواقع ومحاسبتهم على ما يسمحون بتداوله.لقد اندثرت الحدود بين الإرهاب بمفهومه القديم والإرهاب الالكتروني الذي أضحى تهديداً كبيراً في كل مكان, فمن الممكن مثلاً اقتحام صفحة لمستشفى ما وتهديد حياة المرضى عن طريق تغيير برنامج العلاج, ومن الممكن تهديد الاقتصاد باقتحام مواقع البورصة العالمية, كما يمكن أيضاً التدخل في أنظمة الاتصالات, الكهرباء, أو المياه, بل السيطرة على نظام المواصلات والطيارات, وبذلك تهديد لبلد بأكمله, إن هذا سيتيح الفرصة واسعة للإرهابيين للتحكم في الشبكات الحكومية وشبكات الأمن وإغلاقها او السيطرة التامة عليها.