لقد مرتّ الدولة في تاريخها الحديث بمراحل مختلفة تباينت بين وقوفها على الحياد لتقتصر فيها مهامها على إقامة العدل والحفاظ على الامن والنظام العام وبين تدخلها في شتى الشؤون الداخلية تُسّيرُ الاموَر كما تشاء فهي من يوجّه الاقتصاد ويحّركه وتكون لها الكلمة العليا فيه ، إلى أنْ وصلت إلى مرحلة يتطلب منها إقامة نوع من التوازن - الضروري - بين متطلبات القطاع العام والقطاع الخاص وصولاً إلى تحقيق الشراكة بين القطاعين والتي يصُطلح على تسميتها فقهاً الشراكة بين القطاع العام والخاص والتي تؤدي في محصلتها النهائية إلى خصخصة ( Privatization) المرافق العامة بما يُحقّق المصلحة العامة ضمن اُطر قانونية واقتصادية مدروسة تبتغي المصلحة العامة أولاً واخراً إنَّ مفهوم الخصخصة لم يظهر وينتشر بصورة عرضية أو استثنائية وإنَّما ظهر نتيجة للحاجة الكبيرة لمنح القطاع الخاص الفرصة المناسبة لمشاركة القطاع العام في إدارة بعض المرافق التي لم يعد بإمكان الدولة ذاتها إدارتها والإنفاق عليها، والملاحظ على التوجّه نحو الخصخصة أنَّه لم يقتصر على دول بذاتها بل إنَّه امتد ليشمل أغلب دول العالم ومنها الدول النامية، فهو وإنْ كانت بدايته في الدول المتقدمة إلاّ أنَّه انتشر إلى الدول الاخرى لأسباب جُلّها أسباب عملية اقتصادية تتطلبها عملية التنمية في الدول التي تتبناه .