بادئ ذي بدء نقول إن الأثر المترتب على تطور المجتمعات وتقدمها وسيادة الدولة القانونية على جميع النواحي المتعددة لنشاط الأفراد هو منعهم من اقتضاء حقوقهم بأنفسهم وظهور مفهوم الدعوى بوصفها وسيلة ممنوحة من قبل المشرع للأشخاص وذلك لحماية حقوقهم أو لحل منازعاتهم من خلال اللجوء إلى السلطة المختصة بإحقاق الحق وهي السلطة القضائية.لو انتقلنا إلى سلك الوظيفة العامة تبين لنا أن هنالك بوناً شاسعاً بين حياة الأفراد وبين نشاط الإدارة بإعتبار أن الأخيرة سلطة عامة تتمتع بالعديد من الإمتيازات وتسعى إلى تأمين سير المرافق العامة لإشباع حاجات الأفراد وحماية النظام العام من خلال وسائل الضبط الإداري وبالتالي تحقيق الهدف الأسمى وهو حماية المصلحة العامة بالمقارنة مع هدف الأفراد وهو تحقيق المصلحة الخاصة (الشخصية).ومن البديهي لابل من المنطقي أن الإدارة أثناء ممارسة نشاطها قد تتجاوز على حقوق الأفراد أو قد تلحق بهم أضراراً مما تبدو الحاجه ملحة لوسيلة يتمكن من خلالها الأفراد ( سواء أكانوا موظفين ام أشخاصاً عاديين) بمقاضاة الإدارة وهذه الوسيلة تعرف حالياً بالدعوى الإدارية،لذا تعد الأخيرة الأداة لمعرفة مدى صحة تصرفات الإدارة ومطابقتها للقانون.فبعد ان تستكمل جميع إجراءات إقامة الدعوى الإدارية ويتأكد القاضي الإداري من شروط إقامتها سواء كانت شكلية أو موضوعية تأتي مرحلة إثبات موضوع الدعوى الإدارية ولايمكن التوصل إلى هذه الغاية مالم تقدم مجموعة من الوسائل أو الأدلة سواء كانت بطلب من القاضي الإداري أو بطلب من طرفي الدعوى والتي تهدف في مجموعها إلى إقناع القاضي بمدى أحقية كل خصم في الدعوى وبغير تلك الأدلة لايمكن التوصل إلى ذلك المبتغى.إن مرحلة الإثبات تعد من أهم المراحل التي تمر بها الدعوى، حيث بمقتضاها يتحدد مصير الحق المدعى به أمام القضاء ومن ثم إصدار الحكم في الدعوى على أساس ماقدم في هذه المرحلة من وسائل أو ادلة مثبته أو منفيه لادعاءات طرفي الدعوى ولذلك لمحاولة كسب كل طرف الدعوى لصالحه،لكن الإثبات في الدعوى الإدارية له خصوصية تميزه من الدعاوى العادية وذلك لوجود جهة الإدارة التي تعتبر الطرف الدائم الحضور في الدعوى الإدارية وكما هو معلوم أن هذه الجهة سلطة عامة توثق كافة أعمالها بالسندات الرسمية مما ينعكس على نوع الوسائل المطبقه في إثبات الدعوى الإدارية.
