جريمة التعذيب في النزاعات المسلحة الغيردولية

number: 
1819
عربية
Degree: 
Author: 
رنا صباح محسن
Supervisor: 
أ. م. د زينب أحمد عوين
year: 
2015

  يتبوأ حق الإنسان في عدم الخضوع للتعذيب أو للمعاملة أو للعقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة مكانة مركزية في القانون الدولي سواء أكان في مجال القانون الدولي لحقوق الإنسان أم القانون الدولي الجنائي، وهو يعد في كليهما من الحقوق الأساسية الملزمة لسائر الدول في العالم سواء أكانت أطرافا في الاتفاقيات الدولية التي تنظمه أم لا، أي أنه أضحى جزءا من النظام العام الدولي وقاعدة عرفية حجة على الجميع ولم يعد أسير القانون الدولي الاتفاقي، وتزداد الحاجة الى تأكيد هذه المبادئ  المبنية على وحدة الجنس البشري وقدسيته في حالة اختلال التوازن الناجمة عن استعمال القوة ومن ذلك حالات النزاع المسلح  يُعد التعذيب من أقصى صور انتهاكات حقوق الانسان ففيه اعتداء على حق الانسان في السلامة الجسدية, وذلك من خلال إلحاق ألم شديد أو معاناة شديدة به , سواء بدنياً أو عقلياً في حده الادنى , كما قد يؤدي الى فقدان الحق في الحياة في حده الاقصى , هذا فضلاً عما في أساليب التعذيب من امتهان لكرامة الانسان واهدار لادميته. وممارسة التعذيب لم تكن يوماً مقيدة بزمان أو مكان, فقد أظهرت عدة مؤشرات عدم اقتصار ممارسات التعذيب على نظام سياسي معين أو موقع جغرافي معين ,او فئة محددة من البشر، وما من شك في أن التاريخ الحديث يسجل تقدماً في تطوير التقنيات الحديثة لاستخدام ممارسات التعذيب , وسنرى ايضاً ان التاريخ سيذكر وبصوره اقوى واكثر ايلاما  اهوالاً وممارسات شنيعه تبلغ درجة من الفظاعة لامثيل لها. وامام هذا الواقع وازاء استمرار الانتهاكات الجسيمة التي تهدر الكرامة الانسانية  لاسيما اثناء النزاعات المسلحة الداخلية  بذل المجتمع الدولي دوراً كبيرا في التاكيد على ان الحماية من استخدام التعذيب تمثل حقا اساسيا للانسان الذي له قيمة مطلقة ويترتب عليه التزام للدولة ازاء المجتمع الدولي بأسره لامجال للتنصل منه  وان الزمن اثبت ان نتائج النزاعات الداخلية  قد تكون اخطر واعنف من نتائج النزاعات الدولية,ذلك أن معظمها تدور رحاها بين "أخوة أعداء" بسبب فكرة احتقار الاخر، فكل شخص ينتمي الى مجموعة معينة يرى في غيره من الاشخاص المنتمين لجماعات اخرى اعداء ( حتى وان التزموا الحياد) يستحيل التعايش معهم ويصبح مجرد "الوجود" ذنباً يستحق القتل,  فالشعب بطبيعته يشكل خليطا سريع الالتهاب , كما أن القاعدة الشعبية التي يستند اليها المقاتلون وانصهارهم ضمن الافراد المدنيين هي صفة ملازمة لهذا النوع من النزاع , وكذلك اعتماد بعض اساليب حرب العصابات التي لاتعرف نطاقاً مكانياً محدداً , واعتماد بعض الجماعات المسلحة على  وسائل الترهيب والتعذيب واستهداف الابرياء لا لشئ احياناً الا لجلب انتباه الرأي العام الدولي , كلها عوامل تزيد من معاناة المدنيين وضحايا هذه النزاعات .