تمتاز العلوم بشكل عام والعلوم الاجتماعية على وجه الخصوص بالتداخل فيما بينها بحيث لايتسع لأي باحث في الشأن الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي الإحاطة الشاملة بأسباب ونتائج الظاهرة قيد الدرس دون البحث في محيطها العام ودورها في التأثير والتأثر بمختلف نواحي الحياة ومنها السياسية حيث تحدد الجوانب الاقتصادية اطر العلاقة بين الدولة و أفراد شعبها من جهة وبين الدولة والعالم الخارجي وما تتمتع به الدولة من مركز على المستوى العالمي من جهة أخرى بالإضافة لذلك فإننا لا يمكننا أن ننكر انه هنالك قوى خارجية تمارس دور مؤثر في الإصلاح سواء أكان على المستوى الاقتصادي أم السياسي لذا فانه ليس من الممكن أن نفصل بين الجوانب الاقتصادية والجوانب السياسية حيث أن الدولة تسعى دائما وبوسائل سياسية لتحقيق أهداف اقتصادية وكذالك فإنها تعمل بمزايا اقتصادية على تحقيق تلك الأهداف السياسية ، هذا التداخل أدى إلى ظهور تزاوج في الدراسات السياسية والاقتصادية وعليه فان موضوع العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي والإصلاح السياسي يتعرض لتأثير عناصر داخلية وخارجية تلعب دور ايجابي في تلك العلاقة وأحيانا يكون الدور الذي تلعبه هذه العناصر سلبي لذا فانه لا يمكن التعامل مع العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي والإصلاح السياسي بمنأى عن تأثير تلك العناصر الذي تعبر عن جوهر وحقيقة هذا التداخل في العلاقة وما يتطلبه الإصلاح الاقتصادي من توفر بيئة سياسية مستقرة تعمل في إطار نظام سياسي ديمقراطي يرتكز على نظام اجتماعي واعلى وما يمكن أن يوفره التحسن الاقتصادي من مستويات متقدمة من الوعي الاجتماعي والاستقرار السياسي وما يمثله هذا التداخل بين النظم الاقتصادية والسياسية و الاجتماعية في الدولة من عامل أساسي في تلازم العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي والإصلاح السياسي ، وعلى هذا الاساس فاننا سنتناول مجموعة من النماذج التي توضح دور كل من العامل الداخلي والخارجي في التأثير في الإصلاحات الاقتصادية والسياسية على حد سواء كما في دول أوربا الشرقية وبعض مشاريع الإصلاح في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنها مصر وكذلك بعض الدول المتقدمة كفرنسا ومن هذا المنطلق اخترنا البحث في موضوع العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي والإصلاح السياسي