تمتاز المسؤولية المدنية بمكانة خاصة في المحيط القانوني اذ هي محور القانون في كافة نواحيه وشق الرحى الذي يدور عليه الخصوم في المنازعات القضائية وتنقسم بدورها على عقدية وتقصيرية, فالعقدية تنشأ عن الاخلال بالتزام عقدي اما التقصيرية فتنشأ عن الاخلال بالتزام غير عقدي ناتج عن العمل غير المشروع سواء وقع على الاموال او الاشخاص وقد نصت المادة 204 من القانون المدني العراقي على ذلك بقولها (( كل تعد يصيب الغير بأي ضرر ... يستوجب التعويض )) اما المسؤولية العقدية فقد نصت عليها المادة 169/2 مدني عراقي (( ويكون التعويض عن كل التزام ينشأ عن العقد...)) وعلى الرغم من ان اركان المسؤولية المدنية بنوعيها هي الخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما الا اننا سنجعل موضوع البحث ينصب على الضرر فقط , فوجوده شرط جوهري لتحقق المسؤولية التقصيرية والعقدية على حد سواء , فالمسؤولية المدنية تدور مع الضرر وجودا وعدما وفي ضوء النتائج التي يستقر عليها يوصف بانه ضرر حال ولا صعوبة في تعويضه من القاضي , الا ان المسألة تذهب الى ابعد من ذلك عندما يكون الضرر مستقبل اذ يتراخى في نتائجه ويستمر حدوثه لزمن قد يطول ويقصر حتى بعد صدور الحكم مما ينطوي على صعوبة في تقدير التعويض المقابل له , كما لو كانت اصابة المضرور تبدو هينة وقت وقوعها ثم تتفاقم عما كانت عليه فتؤدي الى عاهة مستديمة او الى القضاء على حياة المصاب , الامر الذي يدعو الى التساؤل عن كيفية تحديد مقدار التعويض عن هذا الضرر سواء كان ماليا او معنويا او جسديا , واي من طرق التعويض المعروفة اصلح من غيرها لجبره ؟ ثم ما الوقت الذي ينبغي مراعاته عند تقدير التعويض عنه ؟ وهل يمكن اعادة النظر في تقدير التعويض اذا تفاقم الضرر عما كان عليه سابقا؟ ان الاجابة عن الاسئلة المتقدمة ستكون من خلال الفصول الثلاثة التي تضمنتها هذه الرسالة .