شكلت الإستراتيجية الأمريكية موضوعاً للبحث والدراسة منذ أكثر من نصف قرن وتحديداً منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، الحرب التي خرجت منها الولايات المتحدة الدولة الأقوى في العالم وما تزال، ولعل هذه الأهمية التي تتمتع بها هذه الإستراتيجية اليوم على صعيد العالم لم تتأتى من فراغ، إذ إن مدى تأثير هذه الإستراتيجية يتعدى حدودها ليمتد إلى دول العالم، فالإستراتيجية الأمريكية اليوم يمكن تسميتها بالإستراتيجية العالمية التي تعطي لنفسها الحق في التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.والإستراتيجية الأمريكية كغيرها من الاستراتيجيات في العالم تدخل في صناعتها متغيرات عدة، لعل احدها نظام المعتقدات والمباديء التي تكون بما يعرف بالعقيدة التي يؤمن بها صناع الإستراتيجية الأمريكية والتي تهيئ لهم وعلى اختلاف مراكزهم تصور وتفسير خاص للأحداث، والذي يختلف من صانع قرار إلى آخر بالضرورة والتي قد تكون (أي هذه العقيدة) اقتصادية أو دينية أو سياسية، الخ.منذ أكثر من قرن والولايات المتحدة الأمريكية تتخذ قرارات وتتبنى استراتيجيات مختلفة، ففي فترة الحرب الباردة والتي استمرت طيلة أربع عقود من الزمن كانت فيها الولايات المتحدة تسعى إلى هدف واحد ألا وهو إنهاء دولة الشر (الاتحاد السوفييتي)، فنراها في سبيل ذلك تبنت استراتيجيات مختلفة تراوحت بين الردع والاحتواء وأخيراً المواجهة المباشرة، ففي السياسة الخارجية، وعند الحديث عن الولايات المتحدة الأمريكية بالذات فان هنالك عبارة طالما تتردد وهي أن الأهداف ثابتة ولكن الوسائل هي التي تتغير، فالوسائل تتغير بتغير إدراك صناع الإستراتيجية للموقف الذي يراد منهم التعامل معه، والإدراك يتغير بتغير المباديء والمعتقدات التي يؤمنون بها، فالإرهاب مثلاً، وهو أنموذج دراستنا، ليس بالظاهرة الجديدة، كذلك أن أحداث 11/ أيلول/2001 ليست أول مرة تتعرض فيها المصالح الأمريكية للاعتداء المباشر من قبل الجماعات الإرهابية، مثلما لم يكن تنظيم القاعدة الإرهابي وليد الأمس، والعراق كذلك ليس (بالتهديد) الجديد على المصالح الأمريكية، ولكن الذي تغير هو رؤية وإدراك الإدارة الأمريكية التي وصلت إلى البيت الأبيض في العام 2000.