الانتشـار النـووي وأثـره فـي التـوازن الاستـراتيجـي فـي الشـرق الأوسـط بعـد عـام 2003

number: 
1079
عربية
Degree: 
Author: 
صــلاح مهــدي هــادي الشمـري
Supervisor: 
الاستاذ الدكتور منعم صاحي حسين العمار
year: 
2009

 يعـد مـوضـوع الانتشـار النـووي مـن المـوضـوعـات التـي تحظـى بـأهميـة كبيـرة فـي مجـال الـدراسـات الـدوليـة بشكـل عـام والـدراسـات الاستـراتيجيـة بشكـل خـاص ، وذلـك لكـونـه يتعلـق بمستقبـل منطقـة الشـرق الأوسـط والتـوازن الاستـراتيجـي فيهـا . إذ إنَّ انتشـار هـذه الأسلحـة بيـن دول المنطقـة قـد يـؤدي إلـى نشـوب حـروب اقليميـة ومحليـة قـد يستخـدم فيهـا مثـل هـذا النـوع مـن الأسلحـة ولا سيمـا ( النـوويـة ) . خـاصـة وإنَّ حـالـة عـدم الاستقـرار والصـراع الاقليمـي مثـلا قـوة دافعـة لنشـر الأسلحـة النـوويـة فيـه . وشفعـت الإستـراتيجيـة العسكـريـة لأطـرافـه بتبنـي الخيـار النـووي مـع تـزايـد الإشـارات الـدالـة علـى أمتـلاك "إسـرائيـل" للسـلاح النـووي ، ممـا شكـل تحـديـاً خطيـراً بـل خطـراً محـدقـاً مـوجهـاً أسـاسـاً ضـد دول المنطقـة وعلـى الـرغـم مـن الجهـود الـدوليـة المبـذولـة للحـد مـن انتشـار الأسلحـة النـوويـة ــ مثـل معـاهـدة منـع الانتشـار النـووي عـام 1968 م ــ إلا ان حقبـة الحـرب البـاردة ومـا بعـدهـا شهـدت نـزوعـاً قـويـاً لـدى دول المنطقـة بحيـازة تلـك الأسلحـة وانتـاجهـا وتطـويـر وسـائـل إيصـالهـا الصـاروخيـة ، والامثلـة علـى ذلـك عـديـدة مثـل  ( "إسـرائيـل" ، وإيـران ، وليبيـا ، والعـراق ، وبـاكستـان  وممـا لا شـك فيـه أن أهميـة البحـث فـي البـرامـج النـوويـة فـي الشـرق الأوسـط تنبـع مـن خـلال مـا تثيـره تلـك البـرامـج لـدى الـولايـات المتحـدة وحليفتهـا "إسـرائيـل" مـن شكـوك كـونهـا مخصصـة لـلأغـراض  ( السلميـة أم العسكـريـة ) ، الـذي قـد يـؤثـر فـي حـالـة امتـلاك أي دولـة مـن دولـه للسـلاح النـووي علـى التـوازن الاستـراتيجـي فـي الشـرق الأوسـط الـذي يميـل حـاليـاً لصـالـح "إسـرائيـل" . ومـا يبـرهـن علـى هـذا القـول قيـام "إسـرائيـل" بضـرب المفـاعـل العـراقـي عـام 1981 م  وتتـأتـى أهميـة المـوضـوع أيضـاً مـن تعـرض منطقـة الشـرق الأوسـط للـريـاح العـاتيـة مـن جـراء تـدفـق  التغيـرات التـي شهـدتهـا البيئـة الـدوليـة ، فمنـذ انتهـاء الحـرب البـاردة وأحـداث حـرب الخليـج الثـانيـة عـام 1991 خلـق الـوجـود العسكـري للـولايـات المتحـدة معطيـات سيـاسيـة وأمنيـة جـديـدة فـي المنطقـة  بعضهـا ارتبـط بـالتحـولات فـي المـوازيـن الاستـراتيجيـة لـدول الشـرق الأوسـط وبعضهـا ارتبـط بضـرورات الاصـلاح الـداخلـي للكيـانـات السيـاسيـة داخـل المنطقـة . وبعـد مجـيء أحـداث 11 ايلـول عـام 2001 م عملـت الـولايـات المتحـدة علـى الـربـط بيـن "الارهـاب" ومكـافحتـه وبيـن امتـلاك أسلحـة الـدمـار الشـامـل ، والتـي يشكـل السـلاح النـووي العنصـر الأهـم فيهـا مـن دول مـن خـارج النـادي النـووي ولا سيمـا الـدول التـي سميـت  بــ "الـدول المـارقـة" التـي تشمـل ( العـراق قبـل الاحتـلال الأمـريكـي عـام 2003 م ، وإيـران ، وكـوريـا الشمـاليـة ) ، وتعـزز هـذا الـربـط بعـد أحـداث الحـادي عشـر مـن أيلـول 2001 التـي نتـج عنهـا تغييـر جـوهـري فـي الاستـراتيجيـة العسكـريـة الأمـريكيـة فـي ظـل البيئـة الـدوليـة المـرافقـة للحـدث ، إذ تحـولـت مـن استـراتيجيـة "الـردع" إلـى استـراتيجيـة "الضـربـة الاستبـاقيـة" . فعملـت الـولايـات المتحـدة وتطبيقـاً لاستـراتيجيـة "الضـربـة الاستبـاقيـة الـوقـائيـة" علـى احتـلال العـراق عـام 2003 م بحجـة إمتـلاكـه لأسلحـة الـدمـار الشـامـل . كمـا دفـع هـذا الاحتـلال الأمـريكـي للعـراق دولاً أخـرى وبقـرار ذاتـي مـن جـانبهـا بتفكيـك بـرامجهـا النـوويـة ( ليبيـا ) بـالتحـديـد ، لكنـه مـن جـانـب آخـر حفـز دولاً أخـرى علـى الاستمـرار ببـرنـامجهـا النـووي ( إيـران ) والتـي يمكـن عـدّهـا الـدولـة الـوحيـدة علـى النطـاق الاقليمـي التـي قطعـت اشـواطـاً متقـدمـة فـي بـرنـامجهـا النـووي . ولعـل المـوقـف الإيـرانـي فـي هـذا الإتجـاه يعـد الابـرز فـي هـذه الـدراسـة .