لقد خلق الله تعالى الإنسان وميّزه من باقي مخلوقاته بنعمة العقل الذي هو الضابط الذي يميز بين الخير والشر وبين العدل والظلم ، وقد ألهم الباري عز وجل النفس البشرية فجورها وتقواها وارشدها إلى طريق الخير الذي ينال الإنسان منه الأجر والثواب فمن خلال تتبع المسيرة التاريخية لحقوق الإنسان نجد أن تاريخها هو تاريخ النضال الإنساني، وان حجر الزاوية لهذا النضال هو النضال السياسي والحركات الشعبية أي حركات التحرر الوطني وحركات المضطهدين والمقهورين تحت ظلم المستغلين والمستعمرين.فقد كانت رغبة الناس جامحة في أن يكونوا أحراراً وأن يتمتعوا بحقوقهم وقد تأسس على هذه الرغبة التي تجسدت بالنضال والحركات الشعبية ، أضفاء الطابع الرسمي والقانوني والمؤسسي على تلك الحقوق المطالب بها دائماً كما يظهر لنا التاريخ قيام المؤسسات العسكرية الوحشية والنظم الفاشية والدول الشمولية ذات الحزب الواحد في القرن العشرين بعض أسوأ إنتهاكات حقوق الإنسان، إلاّ أنه وبفضل النضالات والرفض الصريح لهذه النظم فقد حلت النظم الديمقراطية محل النظم المرفوضة تبعاً لممارساتها التعسفية ، وبذلك ظهرت البيئات الملائمة والمناسبة لتعزيز حقوق الإنسان فعلى صعيد الجبهة القانونية نلحظ تحقق قدر كبير من التقدم تمثل بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي عُدَّ مصدر إلهام لدساتير كثيرة في بلدان أسيا وأفريقيا المستقلة حديثاً أبان الخمسينات من القرن الماضي وعلى المستوى الدولي فقد تم أنشاء نظام العدالة الدولية في تسعينات القرن الماضي وذلك بأقامة المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة عام1993 والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا عام 1994 لمحاكمة مجرمي الحرب، فضلاً عن أتفاق روما الذي تم التوصل إليه عام 1998 بشأن المحكمة الجنائية الدولية.