الالتزام بالصيانة في عقود مقاولات المباني والمنشآت الثابتة الأخرى

number: 
952
عربية
Degree: 
Author: 
علي عبد الله عفريت
Supervisor: 
الأستاذ المساعد الدكتور لطيف جبر كوماني
year: 
2009

عرف الإنسان منذ صيرورته على الأرض العمران والبنيان، باعتباره أرقى الكائنات وأجلها، ذاك أنه كائن يبحث عن مأوى وعن ستر يحتمي به وملاذٍ آمنٍ يلجأ إليه من عوارض الطبيعة ومنغصاتها، ولعل الارشاد الإلهي يحمل إليه هذا المعنى ((وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا)) والاطمئنان إلى سكن يخلد فيه الإنسان إلى الراحة والدعة والهدوء لا يكون إلا إذا شيد هذا السكن على وفق أسس معمارية صحيحة وتخطيط مدروس وتنفيذ قويم، الأمر الذي دعى الإنسان إلى أن يطور بناءه وفق حاجاته منذ سالف الأزمنة والعصور، فقام يبني الحصون والأسوار والقلاع في استواء أو في سهول أو وديان أو جبال ((وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا) ((وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ) وقد دأب منذ ذلك الحين أن يطلب من أخيه الإنسان أن يبني أو يعمر أو يشيد له لقاء أجر، ولا عجب أن تتولى تشريعات ضاربة في القدم أمر هذا التشييد وهذا العمران بعنايتها. إذ ليس من الغريب أن تضيق القوانين الخناق على القائمين بالبناء والإنشاء من مقاولين ومعماريين، رغم ما كانت عليه هذه المهن من بساطة وعدم استقلال مقارنة بشكلها في الوقت الحاضر. فينبّؤُنا قانون حمورابي الطاعن في القِدَم عن قواعد قانونية تتولى أمر البناء والإنشاء بالتنظيم والتنسيق، حتى وصل الأمر إلى قتل الباني الذي شيد مبنى ثم أنهار على صاحبه فقتله، فإن كان المقتول أبن صاحب البناء حق الموت على ولد الباني، وإذا كان القصاص في سالف الأزمنة يعرض حياة الباني أو عائلته للموت جزاءً على ما أقترف في بناء معيب، فأنه وبمرور الزمان وتطور الإنسان ومدنيته، أصبحت عقود البناء والإنشاء والتشريعات تأخذ على عاتقها تنظيم أعمال البناء، فنظمت لذلك القواعد القانونية والعقود النموذجية وكان أخر المطاف في العصر الحديث وبداية عصر الصناعة أن نظمت المدونة الفرنسية للقانون المدني التي وضعت عام 1804 قواعد وأحكام عقود البناء والإنشاء ونسقت الضمانات التي يتوجب على المقاول والمهندسين الالتزام بها لرب العمل وللمصلحة العامة في حال تعرض هذه الأبنية والإنشاءات إلى الضرر بعد الانجاز والتسليم.