تتجلى أهمية بحثنا (الطعن بالأحكام القضائية المدنية أمام محكمة التمييز) في توحيد الأحكام القضائية عن طريق المبادىء القانونية التي تستنبطها المحكمة المختصة بنظره من خلال الوقائع والظروف التي تعرض عليها بحيث تجعل القانون متطوراً على وفق أوضاع المجتمع وضروراته المتغيرة على الدوام، وعليه فما يعجز التشريع عن تحقيقه في كل قضية منفردة بتفاصيلها، فإنّ محكمة التمييز تستطيع التوصل بطريق التفسير التوصل الى تلك التفاصيل، وعلى الرغم من أنّ هذا التفسير خاص بالقضية نفسها، إلاّ انه يصبح مرشداً لقضايا مماثلة، وبذلك يسد النقص الموجود في التشريع، ومن ثمَّ يؤدي الى تحقيق العدالة في المجتمع التي هي غاية القانون، كذلك تدقيق الأحكام والقرارات لتبين ما إذا كانت موافقة للقانون بمفهومه الشامل، أم غير ذلك. لأن محكمة التمييز تتألف من قضاة أكثر عدداً واكبر سناً وأوفر علماً وتجربة من قضاة المحاكم الادنى منها درجة، ولذلك يكون الوقوف على الخطأ في الأحكام والقرارات أكثر احتمالاً في محكمة التمييز منها في المحاكم الأدنى منها درجة، وعلى الرغم من ان النظام القضائي عندنا وبصورة عامة لا يقوم على مبدأ (السوابق القضائية)، الا ان لقرارات محكمة التمييز أثر كبير في إغناء الفكر القانوني وتنوير العقول وتوجيه المحاكم للدعاوى المنظورة أو استئناس تلك المحاكم بالمبادىء القانونية التي تستقر عليها قضاء محكمة التمييز في غيرها من الدعاوى.والذي دفعنى الى اختيار الطعن التمييزي موضوعاً للبحث هو محاولة بيان تنظيم المشرع العراقي لهذا الطريق من طرق الطعن، وذلك لبيان مواطن الدقة والخلل مقارنة بالقوانين محل المقارنة بالبحث، وبيان الجانب العملي والتطبيقي للطعن التمييزي الذي يُعّد من الأمور المهمة، ومن هنا يتوجب بيان موقف القضاء العراقي، فضلاً عن بيان موقف القضاء المقارن محل البحث من ذلك.