لقد كان لنشأة القضاء الاداري أهمية في إعلاء شأن القرار الاداري، إذ بعد أن كان هذا القرار حبيساً في رفوف الهيئات الادارية لايرى النور، جاء القضاء الاداري ليرفعه الى المقامة التي تليق به لأنه في حقيقة الأمر محور فقه القضاء الاداري، والذي أعطى قيمة قانونية وسياسية واجتماعية لمضمونه لأنه أصبح منطلق للدراسات الاكاديمية والقانونية.ولاشك أن أهمية القرار الاداري تتجلى فيما صدر حوله من أحكام قضائية تعالج مدى تحقق العدالة في اصداره، تلك القرارات التي زخرت بها محاكم القضاء الاداري في فرنسا ومصر وبقية من أخذ بمبدأ القضاء المزدوج من الدول، حيث تحول القرار الاداري من طبيعة ادارية مجردة الى طبيعة ادارية قانونية وهكذا أصبح منطلق القضاء الاداري دراسة القرار الاداري في صورتيه التأديبية والقضائية وبخاصة من منطلق تسبيبه ليتسنى للقضاء ممارسة الرقابة على هذا القرار، كما ليكون بمقدور من صدر القرار بحقه رفع التظلم حوله أو إقامة الدعوى القضائية بشأنه إذ إن سبب صدور القرار التأديبي أو الانضباطي هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو أتيانه عملاً من الاعمال المحرمة عليه ، فكل موظف يخالف الواجبات التي تنص عليها القوانين او القواعد التنظيمية العامة أو أوامر الرؤساء في حدود القانون أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته التي يجب أن يقوم بها بنفسه إذا كان ذلك منوطاً به وأن يؤديها بدقة وأمانة وبعكسه إنما يرتكب مخالفة ادارية يسوغ تأديبه عليها فتتتجه إرادة الادارة لتوقيع جزاء عليه بحسب الأشكال والأوضاع المقررة قانوناً وفي حدود النصاب المقرر وفي وقت لاحق ظهرت الدعوة الى خلق ضمانات للموظف توازي استبداد الرئيس الاداري، وتكون عامل موازنة مع هذا الاستبداد، وقد برزت هذه الضمانات في مراحل التطور المختلفة كعامل حماية يقي الموظف تعسف الادارة ويبث روح الطمأنينة في نفسه وكحد لايمكن للادارة عنده أن تتجاوز مامنحها القانون من صلاحيات، وأهم هذه الضمانات ، والتي هي مدار بحثنا هو تسبيب القرار الاداري ومن هنا جاء اهتمامنا بموضوع تسبيب القرار الاداري لما له من أهمية في تحقيق العدالة وحماية الأفراد من تعسف الادارة، ذلك أن هذا التسبيب له اهمية كبيرة من حيث أنه يمثل ضمان لحقوق الافراد من جهة ويسهل مهمة الرقابة القضائية على القرارات الصادرة من الهيئات الادارية المختصة وبذلك تصان حقوق الافراد الذين من حقهم أن يكون القرار التأديبي أو الانضباطي الصادر بحقهم قد تم تسبيبه ليتسنى لهم الوقوف على الوقائع التي أستند اليها القرار، وبالتالي رفع التظلم حولها او رفع دعوى قضائية على الادارة.