من المعلوم إن الإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن الجماعة ، وأنه في تطور مستمر ، فلقد خلقنا الله أطواراً ، كما إن الحياة من حولنا تتطور ، وهذه سُنة الله في خلقه ، ولن تجد لسنة الله تبديلاً.وإذا كان القانون ينظم سلوك الجماعة بما يحقق العدالة ، فأنه لابد أن يتطور مع الجماعة وإلا أصيب بالجمود ، وكان غير ملائم لهذه الجماعة لأنه يصبح قديماً وهرماً ولا يتناسب في بعض نصوصه وقواعده مع الظواهر حديثة النشأة ، لأنها خلقت لزمان غير زمان هذه القواعد.إن التطور الاقتصادي والصناعي الذي رافق حياة الشعوب ، أدى إلى تطور أساليب الإنتاج الذي أزداد كماً ونوعاً ، فلم تعد العائلة تشكل خلية اقتصادية مستقلة تنتج كل ما تستهلك ، وتستهلك كل ما تنتج ، فقد ازداد الإنتاج وأتسع نطاق حاجة المجتمع للاستهلاك ، الأمر الذي أدى إلى ظهور أشخاص مختصين بتلبية هذه الحاجات ، من خلال ممارسة مهنهم ، وهؤلاء الأشخاص هم (المهنيون)وفي غمرة التطور فقد أندثر نوعاً ما ، ذلك النموذج البسيط للمهني ، الذي يتمثل بذلك الشخص الذي يمارس مهنته معتمداً على ما يمتلكه من فن ومهارة وجهده البدني ، ليحل محله ، الشركات الضخمة والتي غالباً ما يتجاوز نشاطها البلد الواحد ، ولذلك فقد اصبح المهني يتمتع بتفوق اقتصادي وفني وعلمي ليس فقط في مجال المعاملة ، وإنما في مجال الإنتاج والتوزيع والإدارة ، ويستعين بمجموعة كبيرة من الاستشاريين في شتى المجالات.في حين يقابل المهني المستهلك الذي ظهر كشخصية تفتقر للخبرة اللازمة ، ويجهل حتى في المكونات التي تدخل في صناعة احتياجاته وخصوصاً في ظل ظهور السلع معقدة التركيب ، والتي غالباً ما تهدد حياة الأشخاص والممتلكات ، يضاف إلى ذلك الجهل القانوني الذي لا يمكنه من استيعاب شروط العقد الذي يبرمه، لذلك أختل التوازن في العلاقة العقدية بين الطرفين.