يقاس رقي المجتمعات البشرية بما تتمتع به من حقوق الانسان من خلال سنها لتلك الحقوق في تشريعاتها ، فحقوق الانسان تعتبر من اهم مظاهر تطور المجتمعات وانعكاسا لواقعها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، والرعاية الصحية تعتبر من اهم العناصر التي يجب ان تتوافر للانسان للاطمئنان النفسي وللابداع في كافة مجالات حياته فهو شعور الفرد بالاستحقاق الكامل للتمتع بهذا الحق منذ الطفولة الى الشيخوخة . وعادة تقوم الدولة بالدور الايجابي في تقديمها للرعاية الصحية توفر بمقتضاه وسائل مادية من خلال مؤسساتهاالصحية ( المستشفيات / المستوصف / العيادات الشعبية ) او تقدم من شخص طبيعي ( كالطبيب / الصيدلاني/الممرضة)،هذا وان هناك معايير معينة على اساسها يتم تقويم مدى توافر الرعاية الصحية ومنها ان تكون متاحة لدى الجميع وسهلة المنال والحق في الرعاية الصحية يعتبر من الحقوق الدستورية المنصوص عليه في الدستور في اغلب دساتير العالم فبات من البديهي الاهتمام القانوني بالحقوق غير المالية ( اللصيقة بالشخصية ) لاسيما صحة الفرد الجسدية ، حتى وصفت بالحقوق الاساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها او التفريط بها لان الكل اثمن واكبر من الجزء وحقوق الانسان الاساسية كالحق في الحياة وفي الرعاية الصحية وفي السلامة الجسدية هي الاجدر بالرعاية والاهتمام من الجانب القانوني فصحة الانسان وسلامته تعد مصلحة كبرى اما ما سواها من المصالح فهي اجزاء تتبع الكل ويفترض فيها ان تكون في المرتبة اللاحقة من حيث الاهمية ، فالانسان اولا والاموال ثانيا لان الاخيرة تأتي لخدمة وسعادة الانسان وليس العكس ، ومن هنا يتضح لنا اهمية هذا الموضوع لما يثيره من اشكالات عديدة يصعب معها وضع تأطير نظري لهذا الحق من غير الولوج في دراسة معمقة فيه ونحن من جانبنا لا ندعي السبق في طرح وتحليل هذا الموضوع الا ان عدم وجود ابحاث واطاريح على هذا الموضوع المهم والحيوي كان دافعنا الى اختياره فلا يمكن لنا ان نتصور وجود مجتمع متطور ومتقدم بدون ان يكون متمتع برعاية صحية كاملة ، كما ان الواقع العراقي الحالي كان الدافع الاكبر لاختيار هذا الموضوع فعلى الرغم من ان الدساتير العراقية وعلى مدى تاريخ صدورها قد نصت على الرعاية الصحية الا اننا نجد ان هنالك فجوة كبيرة بين الواقع وبين ما هو منصوص عليه في الدستور فكان الهدف من خلال هذا البحث الوقوف على مفهوم الرعاية الصحية والتوصل الى رعاية صحية تكون متماشية مع الوضع الذي يمر فية قطرنا الحبيب بالوقوف على اهم المعوقات التي تقف بوجه توفير الرعاية الصحية للافراد .والاستفادة من تجارب الدول الكبرى وبلورتها مع الواقع العراقي من خلال بلوغ مجتمعنا مستوى صحيا مقبولا” وتوفير الرعاية الصحية للجميع والابتعاد عن النموذج الطبي الضيق القائم على الرعاية العلاجية وذلك من خلال الاعتراف باهمية الوقاية .من خلال الاطلاع على دساتير دول العالم في مجال الرعاية الصحية واهم عناصر الرعاية الصحية ومقومات نجاحها ومدى توافر الحماية القانونية لها من خلال توفير الحماية الدولية لها والدستورية بالاضافة الى توفير الحماية الجزائية ضد اي اعتداء قد يقع على صحة الانسان وجسده وتوفير الحماية المدنية له من خلال التعويض عن الضرر الذي يلحق به جراء هذا المساس .