أدت المؤسسة العسكرية في البلدان النامية دورا مميزا خاصة الفترة اللاحقة للحرب العالمية الثانية , هذه المرحلة تعد مهمة لبروز الأداة العسكرية في هذه البلدان وخاصة في الشرق الأوسط ومنها تركيا التي تتميز بموقع جغرافي حيوي فهي تربط قارة آسيا بأوربا كما إنها تطل على مضائق وبحار مهمة منها البحر الأسود والبحر المتوسط وبحر مرمره وبحر ايجة , ومضيق البسفور ومضيق الدردنيل , كذلك فان تركيا وبحكم موقعها الاستراتيجي هذا قد مارست دورا كبيرا ومؤثرا في عملية احتواء الاتحاد السوفيتي ( سابقا ) والإيديولوجية الشيوعية , هذا فضلا عن الموروث التاريخي الذي تحمله الشخصية التركية والذي يقوم على أمجاد الإمبراطورية العثمانية الواسعة الأرجاء قديما وتطبيق المبادئ الاتاتوركية العلمانية حديثا وبعد تأسيس الجمهورية التركية الحديثة عام 1923 على يد مصطفى كمال اتاتورك الذي حاول ربط تركيا بالغرب كليا والذي لم يكن منتبها إلى الهوية التركية الحقيقية وتراثها وماضيها وأمجادها , وبهذا فقد حاولت تركيا أن تكون أنموذجا أوروبيا وما مبدأ العلمانية إلا دليلا على ذلك , ولكي تحافظ تركيا على هويتها الجديدة ولضمان استمرارها وعدم الخروج عن المبادئ الكمالية , فقد كان للمؤسسة العسكرية شرف القيام بهذه المهمة والتي كرست نفسها لحماية وحراسة هذه المبادئ التي تقوم عليها الجمهورية التركية الحديثة . ونتيجة كل ما تقدم فضلا عن عوامل أخرى ساعد في أن يكون للمؤسسة العسكرية التركية دورا كبيرا ومؤثرا في الحياة السياسية التركية , وما الانقلابات العسكرية الثلاثة فضلا عن الانقلاب الأخير ( الانقلاب الأبيض ) إلا دليلا علــى ذلك .