تتناول هذه الرسالة البحث في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه لبنان في عهد الرئيس جورج بوش الابن في المدة الممتدة من (2001 – 2008)، وإبتداءاً تجدر الإشارة الى ان العلاقات الأمريكية – اللبنانية دخلت منعطفاً جديداً وخاصة بعد عام 1958، فكان للأحداث التي شهدها لبنان والمنطقة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي أثرها الفاعل في تحويل اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية من اهتمام ايجابي الى اهتمام سلبي. فبغض النظر عن الكلام الأمريكي المعسول الدائم لاستقلال لبنان واستقراره ووحدة أراضيه، أصبح لبنان بلداً هامشياً يمكن المساومة به أو عليه في خدمة الأهداف الأمريكية الأساسية، أي حماية النفط و(إسرائيل).ومع حلول الثمانينيات، فإن المنطقة أصبحت لها أهمية من خلال الصراع العربي – الاسرائيلي، الذي ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تتحكم بمسارات تطورها ومراحلها بما يضمن الأمن الاسرائيلي، كما أن الموقع الجيوبوليتيكي اللبناني بالنسبة لصانع القرار الامريكي له أهمية كبيرة ووضع مميز كونه ينفرد بالسيطرة على بوابة الوطن العربي.وفي مرحلة التسعينيات وبعد انتهاء الحرب الباردة، كان موقف الولايات المتحدة الامريكية كان موقفها رمزيا على الرغم من الدعوات العربية خاصة السعودية لانعقاد مؤتمر الطائف، وأيضاً فان انتهاء الحرب الباردة قد وفر للولايات المتحدة الامريكية فرصة سانحة ومناسبة لأن تعيد تشكيل المنطقة بشكل عام ولبنان بشكل خاص سياسياً وثقافياً على وفق أجندة أمريكية ترى قوة التطرف الاسلامي خطراً وتهديداً لأمنها القومي ولاسيما بعد احداث 11/ايلول/2001، وهكذا رأت الادارة الامريكية بأن هذه المنطقة تعمل على دعم الارهاب وايوائه، وتعتقد ان هذا اباح وأتاح لها حق استخدام القوة ضدها، وخاصة حزب الله اللبناني،كذلكً النظام السياسي اللبناني الموالي لسوريا (مدة حكم الرئيس اميل لحود )، من أجل إحكام السيطرة على لبنان وجعلها منطقة مغلقة سياسيا للنفوذ الامريكي خاصة وأن الخطرين الفرنسي والروسي قادمان على منافسة الوجود الامريكي في المنطقة بشكل عام وعلى لبنان بشكل خاص، فالولايات المتحدة الامريكية في الاحوال كلها تسعى إلى اعادة تشكيل لبنان طبقاً لمخططات تنسجم مع طموحاتها ومصالحها، وخاصة ضمان حماية أمن اسرائيل من أي اعتداء خارجي، كذلك حماية مصالحها في المنطقة بشكل عام.