منذ نشوء الدولة التركية الحديثة على انقاض الامبراطورية العثمانية والتي تدين بنشوئها إلى جهود مؤسسها مصطفى كمال أتاتورك،الذي كان له الدور الجوهري في تثبيت العلمانية والتخلص من ماضيها الاسلامي ، كان الشغل الشاغل لتركيا التخلص بكل ما يربطها بماضيها الاسلامي الشرقي والاندماج والانصهار مع الغرب سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا لقد مرت تركيا بمراحل متباينة من النمو و التطور والتحرر السياسي بالاضافة الى مراحل من الاضطراب و العنف و الازمات الاقتصادية وكثرة تدخل المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية كذلك تزايد مخاطر الكرد و مطالبتهم بالانفصال عن تركيا،بالاضافة الى المشاكل الخارجية و حالة التوتر مابين تركيا و دول الجوار وجدت تركيا ان الحل المثالي للتخلص من جميع المشاكل التي احاطت بها عن طريق الارتباط مع الغرب عبر بوابات الاتحاد الاوربي ،وعملت تركيا على الاستفادة من موقعها الستراتيجي للتقرب من الغرب، فتركيا ونخبها يسعون إلى التركيز على الموقع الجغرافي الخاص بها، واعتبار أن عدم التحاقها بأوربا يعني زيادة التهديدات الأمنية وتعريض المصالح الأساسية الغربية للخطر خصوصا في فترة الحرب الباردة من خلال الوقوف ضد الاهداف التوسعية للاتحاد السوفيتي (سابقا).ورغم وجود عدد كبير من المحددات المانعة لانضمام تركيا الى الاتحاد الاوربي سواء كانت سياسية او اقتصادية ،فقد عملت الحكومات التركية المتعاقبة على تجاوز هذه العقبات وبصورة خاصة بعد وصول حزب العدالة و التنمية الى دفة الحكم ،لكن كلما تجاوزت الحكومة التركية عقبة تتفاجا بوضع الاتحاد الاوربي عقبة جديدة، حيث لم تكن فقط المحددات السياسية و الاقتصادية هي من عوائق الانضمام التركي الى الاتحاد،لا بل كان للعائق الثقافي و الاختلاف الديني الاثر الاكبر في عدم الموافقة على انضمام الدولة المسلمة الى النادي المسيحي .ورغم ان الاتحاد الاوربي كان الملاذ الحلم لكل اطياف الشعب التركي من اكراد واسلاميين و علمانيين للخلاص من اضطهاد المؤسسة العسكرية التركية ،الا ان معظم الساسة الاتراك بداوا يشككون بصدق نوايا الاتحاد الاوربي تجاه بلدهم و اصبحت مصداقية الاتحاد مشكوكاً بها على المستويات كافه في تركيا من النخب الحاكمة و المجتمع التركي،وانعدام هذه الثقة هو نتيجة طبيعية للردود الاوربية السلبية لطلبات عضوية تركيا،حيث عمل الاتحاد الاوربي و بصوره محكمة في وضع العراقيل الطويلة الامد في طريق تركيا على الرغم من كل الجهود التركية المبذولة لاصلاح و تنظيم مشاكلها سواء على الصعيد الداخلي او الخارجي و لكنها كانت تواجه بعدم الاهتمام الاوربي .وبعد ادراك صانع القرار في تركيا بعدم رغبة الدول الاوربية لقبول تركيا كعضو في اتحادهم جعل تركيا تعيد النظر في خياراتها و العمل على ايجاد خيارات اخرى للتحرك نحوها وكانت ابرز البدائل التوجه نحو منطقة الشرق الاوسط و كذلك الجمهوريات الاسلامية في اسيا الوسطى و القوقاز ومن خلال دراسة المحددات السياسية و الاقتصادية المانعة من انضمام تركيا الى الاتحاد الاوربي نستنتج ان الاتحاد الاوربي سيعمل كل مافي وسعه لرفض انضمام تركيا اليه ووضع العقبات امام امال الشعب التركي بكل اطيافه الحالمة بتحقيق الاستقرار السياسي و الاقتصادي من خلال الانضمام الى النادي الاوربي .