إن بدايات القرن الحادي والعشرين حملت متغيرات دولية عديدة بدأت تأثيراتها واضحة بعد العقدين الأخيرين من القرن العشرين خاصة , كان من أبرزها ثورة المعلومات وما صاحبها من تطورات علمية هائلة في مجالات المعرفة المختلفة .وقد جاءت هذه الثورة بمتغيرات متسارعة وشاملة وعميقة , فهي سريعة لأنها داهمت المجتمعات والدول دون ان تترك لها مجالاً للتفكير والتهيؤ للمواجهة , وهي شاملة لأنها ذات اثر مباشر وغير مباشر في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية , وهي عميقة لأنها ذات تأثير كبير في مضمون العلاقات التي تربط الفرد بالمجتمع والدولة وتمثل ثورة المعلومات وما يرافقها من تقدم تقني وتكنولوجي وتغير نوعي في حقول المعرفة والنشاط الإنساني فضاء رحبا لنمو وتطور المجتمعات المختلفة , وقد أفرزت هذه الثورة فرصا وتحديات جديدة لاقتصاد الدول ومجتمعاتها , وأثرت هذه التحديات في بنية الاقتصادات العربية , إذ أصبح من غير الممكن تحقيق تطور اقتصادي مستمر من دون بناء وتطوير البنى التحتية المادية وغير المادية وبخاصة العلمية والتقنية والتكنولوجية وذلك لمواجهة تحديات ثورة المعلومات , وهذا ووفرت الثورة فرصاً كبيرة للنهوض بالمجتمعات العربية لردم الفجوة التي تفصل بينهم وبين العالم المتقدم بتبني سياسات تتماشى مع متطلبات العصر للتعامل مع المتغيرات العالمية والإقليمية وتكمن أهمية البحث بتسليط الضوء على اثر هذه الثورة في دول العالم العربي , وما حققته بعض الدول العربية من تطورات على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي ساعية بذلك ردم الفجوة التي تفصل بينها وبين العالم المتقدم واللحاق بركب التطور التقني و التكنولوجي العالمي ويهدف البحث إلى توضيح مفهوم ثورة المعلومات وأثرها في العالم والعالم العربي بصورة خاصة , وعلى ما أفرزته هذه الثورة من مخرجات اثرت وما تزال تؤثر في جميع مجالات الحياة منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية اما فيما يخص مشكلة البحث , فتتعلق بمدى قدرة الدول العربية الاستفادة من التطور العلمي والتقني والتكنولوجي في تطوير النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية واللحاق بالركب العالمي والتقليل من حجم الهوة التي تفصل دول العالم العربي عن دول العالم المتقدم ومن اجل وضع فرضية الدراسة موضوع التنفيذ والإلمام بتفاصيل الموضوع ومعرفة مدخلاته ومخرجاته , فقد استخدم المنهج التاريخي في رصد وتتبع تطورات ثورة المعلومات منذ ستينات القرن الماضي إلى أن تبلورت واتضحت معالمها وأصبحت المعلومات المحرك الرئيس للنظام العالمي الجديد واستخدام المنهج التحليلي في فهم أعمق للأحداث والتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي كانت ولا تزال تعاني منها بعض الدول العربية , فضلاً عن إعطاء تصورات واضحة عن الحالة المستقبلية التي يمكن أن تكون عليها دول العالم العربي في ظل ثورة المعلومات , ولعل أهم ما تتميز به هذه المنهجية هو إدراك جوهر الثورة المعلوماتية وأبعادها و أثارها المستقبلية وقد قسمت الدراسة الى ثلاثة فصول ففي الفصل الأول تم توضيح مفهوم ثورة المعلومات ونشأتها التاريخية وسماتها وملامحها و دراسة الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ظل ثورة المعلومات , واثر هذه الثورة في ظهور مفاهيم جديدة أثرت بشكل جلي على تطور الدول والمجتمعات كالحكومة الالكترونية , والتجارة الالكترونية , والتعليم الالكتروني فيما تناول الفصل الثاني اثر ثورة المعلومات على السلوك السياسي والاقتصادي و الاجتماعي للعالم العربي , وما يواجهه من تحديات وفرص من ثم تضمن الفصل الثالث أنماط السلوك السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ظل ثورة المعلومات لثلاث تجارب عربية مختارة, ( دولة الإمارات العربية المتحدة, المملكة الأردنية الهاشمية , جمهورية مصر العربية).وأخيرا إلقاء الضوء على مستقبل ثورة المعلومات في العالم العربي من خلال عرض كيفية الاستفادة من مخرجات ثورة المعلومات . حيث تعد المعلومات اليوم الأساس الذي تقوم عليه الدول فلابد من تبني سياسات قائمة على معلومات رصينة ودقيقة وحديثة والتي يمكن الحصول عليها من الوسائل التقنية الحديثة التي أفرزتها هذه الثورة لتتلاءم هذه السياسات مع متطلبات العصر الحديث , كما لابد من تذليل العقبات التي تقف أمام تطوير البنى التحتية للاتصالات سواء المادية وغير المادية للنهوض بالاقتصاد وتعزيز دور التجارة الالكترونية من خلال توفير المقومات الأساسية لقيامها , هذا فضلا عن إدخال مناهج العلم الحديثة لبناء بنية تحتية بشرية قادرة على المضي قدماً لدخول عصر مجتمع المعلومات .