مما لا شك فيه أن إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية و خلال المدة الزمنية التي أعقبت أحداث الحادي عشر من أيلول قد نالت قدراً كبيراً من الأهمية ، لكونها ارتبطت بإحداثٍ خطرةٍ على الصعيد الدولي ليس أقلها احتلال دولتي أفغانستان في تشرين الثاني 2001 و العراق في نيسان 2003 و تغيير نظاميهما السياسيين.جوانب الأهمية في هذا الموضوع تعددت ، فمن تداعيات (أمريكية _ أمريكية) على الصعيد الداخلي شملت إحداث تغييرات في جوانب قانونية و مؤسسية أمنية داخلية..... إلى توتر (أمريكي _ دولي) كان من مضامينه إعادة تشكيل تحالفات سياسية و عسكرية جديدة وفق أساسٍ ابتدعه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن قوامه (أما معنا و أما ضدنا) أي أن دول العالم قُسّمت وفق هذا النظام أما مع الولايات المتحدة الأمريكية و أما مع الإرهابيين ، ليعلن بعدها الرئيس الأمريكي حرباً على ما أسماه (الإرهاب) ، ذلك العدو الهلامي غير المرئي و غير المحدد حيث بدا و كأن الإدارة الأمريكية قد وجدت ضالتها في الإرهاب عدواً يتيح لها تحقيق جميع أهدافها الإستراتيجية من انتشار عالمي للقوات الأمريكية إلى سيطرة على جميع مصادر الطاقة العالمية بما يسمح باستمرار ريادة الولايات المتحدة الأمريكية قوة عظمى على حساب جميع دول العالم قضية مجابهة الإرهاب عالمياً تعاظمت بفعل عدم وجود اتفاق عالمي على تعريف كلمة (الإرهاب) ... ما جعل الإدارة الأمريكية قادرة على التحكم بتلك التهمة و إلصاقها بمن تشاء و هذا ما حصل بالفعل. كل ذلك ارتبط بتحولات الإستراتيجية الأمريكية في مواجهة الإرهاب ، جدير بالذكر أن هذه التحولات لم تبدأ بعد الحادي عشر من أيلول فحسب ، و أنما للإستراتيجية الأمريكية تاريخ في التعامل مع هذا العدو الذي بات يحتل المرتبة الأولى بين أعداء الولايات المتحدة ، قد يعود _ أي ذلك التاريخ _ إلى منتصف القرن الماضي فتباينت واختلفت في أشكالها و مستوياتها بحسب متطلبات كل مرحلة و خصائصها .أحداث الحادي عشر من أيلول بما مثلته من ضربة لعناصر القوة الأمريكية اقتصادياً و عسكرياً أحدثت انقلاباً كبيراً في تلك التوجهات الإستراتيجية ، انقلاباً يتوجب التوقف عنده و التأمل بطبيعته و احتمالاته المستقبلية و ما يمكن أن يؤول أليه ، من خلال مراجعة لتاريخ الإستراتيجية الأمريكية و سجلها في التعامل مع الإرهاب فضلاً عن الوقوف على المفاهيم الأساسية لهذا الموضوع لاسيما ما أختلف عليه العالم برمته كالإرهاب على سبيل المثال.