تعد النظرية الواقعية من أهم نظريات العلاقات الدولية، التي تفسر الظواهر والتفاعلات الدولية . وعلى الرغم من الجذور الفكرية والفلسفية التي ورثتها الواقعية من التأريخ الأوروبي في مختلف مراحله وعصوره من القديم والوسيط والحديث ، الا ان بروزها كنظرية للسياسة الخارجية و طرحها في المجال الأكاديمي ترتبط بالفكر السياسي الأمريكي في القرن العشرين.وقد هيمنت النظرية الواقعية لعقود على مجال الدراسة النظرية للعلاقات الدولية ، وذلك منذ تغلبها على أطروحات النظرية المثالية في بدايات القرن العشرين. وشهدت فترة مابعد الحرب العالمية الثانية سيادة كاملة لفرضيات نظرية الواقعية ،ودامت هيمنة الواقعية على فرضيات ومنطلقات البحث في حقل نظريات العلاقات الدولية في اثناء فترة الحرب الباردة بشكل كبير وكانت لكتابات المفكرين من أمثال " إدوارد. كار" و "هانزمورجنثاو " وأطروحات السياسيين من أمثال "جورج كينان" و"هنري كيسنجر" وغيرهم دور كبير في تلك الهيمنة وسيطرت افكارهم الواقعية على الفكر الاستراتيجي وادراك صانع السياسة الأمريكية في حقبة الحرب الباردة .وشهدت النظرية الواقعية تطورات داخلية في حقبة مابعد الحرب الباردة من خلال اسهامات المفكرين والباحثين من امثال "كينث والتز"و" روبرت جيلبن "و"جون ميرشايمر" و" ستيفن فان ايفرا"وغيرهم الذين طرحوا رؤى جديدة وقواعد للتفسير مبتكرة ومبنية في جلها على الفرضيات الأساسية للواقعية اوتحمل قراءات من زوايا أخرى لبعض المفاهيم الأساسية في النظرية الواقعية. واستجابة لتحديات كثيرة وكبيرة من النظريات الأخرى التي طرحت نفسها كبدائل لفهم و تفسيرالحقل المعرفي للعلاقات الدولية وكيفية سير التفاعلات الدولية وصنع السياسة الخارجية للدول.واستمر تاثير النظرية الواقعية واسهاماتهاالجديدة في التفكير الاستراتيجي الامريكي وسلوكهافي السياسة الخارجية في عالم مابعد الحرب الباردة وفي القرن الواحد والعشرين.ولاسيما في الادارة الحالية (ادارة جورج دبليو بوش)، كما أن تاثيراتها في سلوك هذه الادارة واضحة. وعكفت الولايات المتحدة منذ استقلالها على بناء قوتها الذاتية، وان بدء اهتمام أمريكا بالشؤون الدولية كان نتيجة طبيعية ومنطقية لقوتها الاقتصادية والتجارية المتنامية، الأمرالذي دفع الى تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية، والتي لم تكن سوى انعكاس متطور للمصلحة القومية الامريكية ،اذن ان جوهر النظرة الأمريكية للسياسة الخارجية وللعلاقات الدولية يقوم على المصلحة القومية العليا بالأساس ،والتي تتكون من عناصر الثلاثة :الثروة والقيم/ الدين والقوة.