استطاعت (إسرائيل) أن تجعل من أمنها مسألة مصيرية , وأحاطته بهالة مقدسة وحولته إلى عقدة جماعية تحكمت وما تزال في تحديد الرأي العام الإسرائيلي , فمنذ عام 1948 ظلت إستراتيجية (إسرائيل) ومفاهيمها الأمنية موضع إجماع داخلي بين القوى الحزبية الإسرائيلية بمختلف تلاوينها السياسية و الاديولوجية. ويقوم موضوع الدراسة بالبحث في السياسة الأمنية الإسرائيلية عن طريق التركيز على أهم التطورات والتغيرات وكذلك ابرز التهديدات الجديدة التي تواجهها (إسرائيل) بعد أحداث 11 أيلول / سبتمبر 2001 حتى الآن وإزاء هذا , لاتوجد في (إسرائيل) سياسة أمنية ثابتة منذ قيام هذا الكيان إلى الآن , فأمن (الدولة) يتغير بتغير ظروف البيئة الداخلية والخارجية ( المحلية والإقليمية والدولية) والتي تنبع من تطلع ينطلق في بقاء (إسرائيل) القوة المسيطرة إقليمياً على المنطقة ليس عن طريق القوة العسكرية فحسب وإنما عن طريق وسائل سياسية واقتصادية , وان مفهوم السيطرة الإقليمية الإسرائيلية مرادف لتوسيع الحدود وذريعة للسيطرة على مناطق حيوية وإستراتيجية سواء لأغراض عسكرية أم اقتصادية أم سياسية , فضلاً عن ذلك فأن هناك متغيرات أثرت في الكثير من المفاهيم في السياسة الأمنية الإسرائيلية وأوجدت شعوراً متنامياً لدى صناع القرار والسياسة الإسرائيليين بضرورة الحاجة لإعادة التفكير في بعض الركائز التقليدية والتي قامت عليها السياسة الأمنية الإسرائيلية ولاسيما بعد أن تكون في المنطقة واقع سياسي وعسكري مختلف أدى الى زيادة التهديدات والتحديات للدولة العبرية . وعلى أية حال فأن السياسة الأمنية الإسرائيلية تبقى من حيث الجوهر تجسيداً عملياً للأهداف الصهيونية ووضع إستراتيجية شاملة تتجه نحو تدعيم المصالح وعدم التفريط بها . وتبعاً لهذا الفهم طغت الأبعاد الأمنية على مفاصل الحياة الإسرائيلية جميعها لتحقيق فكرة مفادها, إن ترتيب الأوضاع الإقليمية والدولية التي تخدم (إسرائيل) إنما يتطلب التمسك بالثوابت الأمنية المتعلقة بتمركز القوة والتفوق وضرب الخصم ومفاجأته وإجهاض مقومات قوته وتكمن أهمية الدراسة في إنها تسعى إلى معرفة سياسة (إسرائيل) الأمنية الحالية والمستقبلية وتأثير ذلك في الصراع العربي- الإسرائيلي عموماً والفلسطيني – الإسرائيلي بشكل خاص وكذلك على مستقبل عملية السلام في المنطقة.