هيأت التحولات الدولية للولايات المتحدة الفرصة المؤاتية إلى تحقيق مسعاها بعد آنتهاء الحرب الباردة، وتحديداً مع بداية العقد الأخير من القرن الماضي للهيمنة على العالم، فأخذت توجه السلوك العالمي وفق مشيئتها، وتعمل على صياغة العلاقات الدولية وفق ما تقتضيه مصالحها، ووفقاً لهذا السياق استغلت الولايات المتحدة أحداث 11 أيلول، للسعي إلى إقامة مشروع الشرق الأوسط الكبير، وأخذت تطالب دول المنطقة ببدء إصلاحات ديموقراطية، بدءاً من الصحراء الغربية وآنتهاء بباكستان، بآستثناء دولة (إسرائيل) التي تشكل النموذج الديمقراطي الأمثل من وجهة نظرها. إنّ ما تقصده الولايات المتحدة الأمريكية في ظاهر مبادراتها من هذا المشروع الخطير، هو مساعدة الدول المعنية لإعادة تطوير أوضاعها الإقتصادية والإجتماعية عبر الديمقراطية، وتحقيق الأمن والاستقرار، ليتم القضاء على أسباب التخلف التي تقف حجر عثرة في وجه التقدم والتطوير، الإ إنّ واقع المشروع يحمل في ثناياه خلاف ذلك . إذ إنّ آختيار الولايات المتحدة الأمريكية منطقة الشرق الأوسط لتطبيق مثل هذا المشروع، ليس آختياراً إعتباطياً جاء بمحض الصدفة، إنما لأهداف جمة قريبة وبعيدة المدى، منها حماية مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، ولا سيما السيطرة على النفط ، وتأمين الحماية للكيان الصهيوني. إذ إنّ الدوافع التي تريدها الولايات المتحدة الامريكية وشركاؤها في المنطقة، في معظمها دوافع سياسية واقتصادية، ولا سيما فيما يتعلق بالنفط تتطلب اللجوء إلى مثل هذه المشاريع ، فالولايات المتحدة، بعد آنهيار الإتحاد السوفيتي وتحديداً بعد آنتهاء حرب الخليج الثانية تريده من أن يكون مختلفاً عما جرى الإتفاق عليه في مؤتمرات عدة. إذأعلنت على لسان رئيسها (بوش) الأب، أن العالم سيشهد نظاما عالمياً جديدا .