تمتاز القارة الأفريقية بأهمية استراتيجيه كبيرة، انطلاقا من موقعها الجوستراتيجي الذي يطل على المحيطات والبحار التي ترتبط القارة من خلالها بقارات العالم، إذ يفصلها عن أوروبا البحر المتوسط, ويفصلها البحر الأحمر عن قارة آسيا وهي مفتوحة من جهة الغرب على المحيط الأطلسي ومن جهة الشرق على المحيط الهندي, مما سهل عملية الاتصال مع قارات العالم فاكسبها موقعا مطلاً على الطرق التي تصل بين الشرق والغرب,هذا بالإضافة إلى مواردها الطبيعية وثرواتها المعدنية التي تزخر بها، الأمر الذي جعلها محل اهتمام الدول الكبرى لتظفر بهذه القدرات، لاسيما مصادر الطاقة التي تعتمد عليها اقتصادياتها.وتمتاز أفريقيا بكونها قارة تضم دولا نامية وهي دول بحاجة إلى المساعدات الأمنية والاستثمارات التي يعول عليها بدفع اقتصادها نحو التقدم والتطور ورفع مستوى الدول بشكل عام, وكل هذا جعل القارة مركز جذب استقطب مختلف الدول الكبرى والعظمى التي تزاحمت عليها من اجل تأمين تلك الامتيازات، كالولايات المتحدة الأمريكية والصين وفرنسا وبريطانيا والهند واليابان واستراليا وغيرها من الدول التي تتفاوت فيما بينها في مستويات النفوذ.وتعد الولايات المتحدة والصين وفرنسا الأكثر تأثيرا ونفوذاً في القارة، فالولايات المتحدة الأمريكية تنظر إلى وجودها في القارة هو جزءاً من أحقيتها التي آلت إليها البيئة الدولية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وانفرادها بقمة الهرم الدولي، فهي تعد القارة جزءاً من مكتسبات تلك المرحلة التاريخية، أما الصين فوجودها يبرر على إنها اعتمدت على سياسة الانفتاح الاقتصادي نحو الخارج لتلبية متطلبات اقتصادها الداخلي المتعطش للمواد الأولية، أما فرنسا فوجودها في القارة يرتبط بالإرث الاستعماري القديم الذي كانت فيه فرنسا تحكم القارة الأفريقية، لذلك فهي تحاول قدر الإمكان استعادة ذلك المجد الذي كانت عليه في السابق.وبناءا على ما تقدمً جاءت هذه الدراسة لتسلط الضوء على التنافس بين الولايات المتحدة والصين وفرنسا على مصادر الطاقة في أفريقيا بعد أحداث 11 أيلول 2001، موضحين جدلية الهيمنة والتهميش بين الأطراف المتنافسة تجاه بعضهم البعض او تجاه دول القارة الأفريقية من خلال إعطاء أدواراً قيادية لدول معينة وتهميش الدول الأخرى حسب المصلحة التي ترتبط بها الدول الكبرى مع الدول الأفريقية. وسيتم التركيز في هذه الدراسة على النفط والغاز بوصفهما مصدرين من مصادر الطاقة سهلة الاستخدام مقارنة بالمصادر الأخرى التي سيتم الإشارة البسيطة إليها، كالطاقة النووية والطاقات المتجددة.