منذ تسلم حزب العدالة والتنمية في تركيا الحكم في عام 2002، عمل الحزب وقيادته على احداث تغيرات داخلية سياسية واجتماعية واقتصادية، وعلى استغلال المعطيات الجيوسياسية والجيوستراتيجية لتحويل تركيا إلى قوة كبرة في الوقت الذي تتزاحم فيه القوى الاقليمية على حجز مكان لها في الخارطة الجيو ـ ستراتيجية، فمع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة بدأ المشهد التركي يتغير داخلياً وخارجياً، إذ لم تكن سلطة حزب العدالة والتنمية مجرد تغيير في شكل السلطة الحاكمة، بل حمل حزب العدالة والتنمية مشروعاً اتاح لتركيا خلال سنوات معدودة أن تكون طرفاً مؤثراً في الصعيدين الاقليمي والدولي، وإذا كان العنوان الاوروبي وبدء مفاوضات العضوية مع الاتحاد الاوروبي، هو الانجاز الابرز دولياً، فإن سياسة تعدد المحاور التي انتهجتها تركيا وانتهجها الحزب في السياسة الخارجية على الصعيد الاقليمي خاصة، كان لها تأثيرات ايجابية في علاقات تركيا مع الدول العربية والإسلامية بشكل عام ساعدها بذلك مشتركات عدة منها القرب الجغرافي، والموروث الاستعماري، وعضويتها في المؤتمر الاسلامي، فضلاً عن ان تركيا تشترك مع دول المنطقة العربية ببعض الروابط وابرزها الديانة الاسلامية، فضلاً عن الطابع العرقي المشترك مع محيطها، إذ يشكل الاكراد والعرب فيها أحد أوجه التشابه، كما ان بعض الدول العربية تعتمد على تركيا فيما يخص تزويدها بالمياه، لذلك اخذت علاقة تركيا ودورها بدول المنطقة العربية ابعاداً عدة، انعكست على سياستها الخارجية . وقد سعت تركيا إلى تسجيل مواقفها الايجابية إزاء قضايا المنطقة وبشكل ملفت، كما ان الموارد الاقتصادية التي تمتلكها الدول العربية اغرت بدورها الاقتصاد التركي والذي يُعد من اكبر (20) اقتصاداً في العالم، بعد الاصلاحات التي قامت بها تركيا، إلى تعميق هذه التوجهات في مجالات التجارة والطاقة، وخاصة مع دول الخليج العربي، وأن تدخل تركيا في الشؤون العربية، لا يعد مجرد بحث عن مصالح اقتصادية فقط، بل هو فرض السيطرة التركية على بعض الترتيبات التي تجري في بعض الدول وهذه السيطرة لا يمكن ان تكون بعيدة عن الحلف الاطلسي (الناتو) والولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل لتطبيع الدول العربية بطابع تركي جديد بشكل يجعل من تركيا المركز الذي تدور حوله باقي الدول في المنطقة، ويجعلها تؤدي دوراً إقليمياًَ فعالاً .