تطور العلاقات الأمريكية – الروسية منذ عام 2003- الواقع وآفاق المستقبل

number: 
1481
عربية
Degree: 
Author: 
مهدي علي مهدي
Supervisor: 
الأستاذ المساعد الدكتور علي حسن نيسان
year: 
2012

تتمثل الدراسة في كون الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية على حد سواء من الدول العظمى و المهمة, ليس بمعايير القوة بمفهومها الواسع فحسب؛ وإنما معايير القدرة أيضاً بمعنى التأثير المتبادل بينهما والتأثير في علاقات الصراع والتعاون بالمناطق المهمة بالنسبة لهما ,وهي مناطق مفعمة بالنزاعات والصراعات التي تعود جذور البعض منها إلى الحرب الباردة، وبقدر ما فأن للولايات المتحدة وروسيا الاتحادية حضور مباشر وغير مباشر في هذه النزاعات والصراعات والمشاركة في تسويتها ، والنقطة الثانية التي تعطي أهمية لهذا الموضوع هي وجود نقاط مشتركة يمكن ان تقرب أو تبعد العلاقات الدولية للولايات المتحدة وروسيا الاتحادية بعد الحرب الباردة ,فمنهاعلى سبيل المثال انتهاج كل منهما للمنهجية الواقعية والمصلحة في رسم علاقاتهما الدولية، إذ قد تلتقي مصالحهما في قضية ما وقد تختلف، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بتنافس الأدوار في الأقاليم ذات الحساسية المفرطة لمصلحة أي منهما كإقليم البلقان وإقليم آسيا الوسطى والقوقاز والشرق الأوسط.إن الدراسة العلمية والموضوعية تكشف لنا فوارق نوعية عدة حكمت العلاقة التي يمكن تسميتها بأنها جديدة في معادلة التفاعل الدولي, ومما لا شك فيه إن هذا النمط من العلاقة على اعتبار أملتها ظروف النشأة بهيمنة أمريكية مؤقته على النظام السياسي الدولي ,واقترن ذلك برفضها بروز قوى دولية أخرى منافسة ولاسيما إن القادة والزعماء الأمريكان لا يغفلون حقيقة إن روسيا تستطيع إعادة التوازن الدولي في العلاقات الدولية عبر التحالفات الإستراتيجية، ولاسيما انها تؤدي دورا مهما في السياسات العالمية , فهي لا تستطيع إن تقف جانباً وتراقب سلسلة التغييرات في ميزان القدرة العسكرية والإستراتيجية لذلك فهي تسعى لإعادة ترتيب علاقاتها مع الولايات المتحدة وفقاً لاعتبارات توازن القوى في المستقبل البعيد أو القريب ,ولا يعني إطلاقاً إسقاطها لاعتبارات توازن المصالح من تلك العلاقة لسبب بسيط ومنهجي وهو إن توازن المصالح يعتمد بالأساسً على توازن القوى ,فعندما تتوازن القوى بين الدول تتوازن مصالحها أيضاً.
أي ان توازنات القوى القائمة تلبي مصالحها جميعاً سواء كانت وطنية أو قومية أو عالمية, فما تنشده روسيا من إعادة توازن القوى مع الولايات المتحدة لا يعني الصراع من أجل بلوغ أعلى مراتب القوى التي تتيح لها تهديد المصالح الأمريكية الحيوية في العالم أو تهديد الأمن القومي الأمريكي مثلما كان يفعل الاتحاد السوفيتي في السابق فهذا السيناريو غير ممكن أو يصعب تحقيقه, بعد ان فقدت روسيا خطابها الأيدلوجي وأصبحت أكثر اندماجاً في العالم الغربي الرأسمالي ودخلت في عولمته بكافة مظاهرها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقيمية وتشابك مصالحها مع الولايات المتحدة إلى الحد الذي لم تعد تنظر فيه الأخيرة لروسيا وكأنها العدو القريب، وعليه فأن المقصود بإعادة روسيا لترتيب علاقاتها مع الولايات المتحدة وفقاً لاعتبارات توازن القوى هو لسد الفجوة الحاصلة في عناصر القوة والتأثير على الشؤون الإقليمية والدولية, فهذه التي سماها البعض بالأحادية القطبية لم تكن حقيقتها سوى هيمنة أمريكية مؤقتة استغلت من خلالها الولايات المتحدة التغيرات التي حصلت في عناصر القوى الإستراتيجية على المستوى العالمي للتأثير على أنماط التفاعل الدوليا و إقليمياً وعالمياً بما يحقق مصالحها الحيوية, حتى لو كان ذلك على حساب مصالح الآخرين بما فيهم روسيا الاتحادية,لذلك روسيا الاتحادية تريد إرجاع قوتها ومكانتها الدولية إلا انها مازالت دولة تسعى للندية مع الولايات المتحدة والتمسك بالدور العالمي رافضة الأحادية والهيمنة الأمريكية فالأمن والسلام متأثران بطبيعة العلاقات الأمريكية – الروسية في النظام الدولي الجديد، فروسيا الاتحادية تسعى لإيجاد نظام دولي جديد يستند إلى ميكانيكية القرارات الجماعية للمسائل المهمة ويرفض القوة الأحادية في إدارة العلاقات الدولية.أهمية الموضوع:
يعد موضوع العلاقات الأمريكية – الروسية من المواضيع المهمة والتي تستحق الدراسة، اذ تحتل هذه العلاقة أهمية بالغة لاسيما بعد العام2003 حيث تغيرت المعطيات التي كانت تحيط بالعالم، بشكل عام والولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص وتكمن الأهمية كذلك في بحث المسائل والمصالح والمستجدات التي تواجه هذه العلاقات، فعلى الرغم من تناول العديد من البحوث والدراسات لموضوع العلاقات الأمريكية – الروسية على أن الحاجة تبقى ماسة لكتابة المزيد عنها للعمق التاريخي الذي تتميز بها هذه العلاقات، وتعقدها وتشعب أشكالياتها مما يتطلب تناولها بلغة التحليل السياسي والإستراتيجي أكثر من لغة السرد التاريخي, فيما إذا أراد الباحث ان يصل إلى نتائج قريبة من الواقع الذي كانت عليه في الماضي والحاضر والمستقبل، فضلاً عن المتغيرات الداخلية الهائلة التي شهدها البلدان منذ انتهاء الحرب الباردة، وحتى الآن. وكذلك المتغيرات الدولية المترتبة على انتهاء تلك الحرب، وتفكك الاتحاد السوفيتي قد مست بجوهر العلاقات الدولية بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية وجوهر العلاقات لكل منهما بالدول الأخرى، وبالمعطيات الجيوبولتكية والجيوستراتيجية المحيطة بهما ومن هنا جاء اهتمامنا بهذا الموضوع واختيارنا له.