التنشئة الاجتماعية – السياسية والتحول الديمقراطي في العراق

number: 
1483
عربية
Degree: 
Author: 
هـالــة كـريم تركـي
Supervisor: 
الأستاذ المساعد الدكتور يـاسين سعد محمد البكــري
year: 
2012

إن التنشئة الاجتماعية – السياسية في أي مجتمع من المجتمعات تعد مطلباً مهماً من متطلبات التحول الديمقراطي ، وذلك لأن حضور الديمقراطية وتكامل مقوماتها أمر يتوقف على مدى تأصل القيم الديمقراطية في عقول ووجدان أفرادها. فالحياة الديمقراطية مرهونة بأبعادها وخلفياتها الثقافية، ذلك يعني أن الديمقراطية لا يمكن لها أن تنضج وتستقر، ما لم تأخذ مسارها الطبيعي في ثقافة المجتمع، ومن هنا، تلعب التنشئة الاجتماعية- السياسية دوراً محورياً، بل ومدخلاً ضرورياً لترسيخ الديمقراطية وإنعاشها. فالتنشئة الاجتماعية – السياسية هي العملية التي يتعرف بها الفرد على النظام السياسي والتي تقرر مداركه السياسية وردود أفعاله إزاء الظاهرة السياسية ، وهي تنطوي على دراسة الوسط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي في المجتمع وتأثير ذلك على الفرد وعلى مواقفه وقيمه السياسية.تؤثر التنشئة الاجتماعية السياسية ( Political Socialization ) تأثيرا ًبالغ الأهمية في تنمية وتطوير المجتمع واستقراره ، لما لها من قدرة على تغيير نمط اجتماعي معين بما يحتوي من قيم وعادات اجتماعية أو الحفاظ عليه ،والعمل على استمراريته ،وديمومته، والحيلولة دون تغييره ، ويتضح ذلك الدور عندما تتفق مؤسسات التنشئة الاجتماعية – السياسية المباشرة وغير المباشرة على هدف مشترك ،وهو خلق مجتمع متماسك واعي لحقوقه وواجباته الأساسية وقادر على أداء دوره الاجتماعي عموماً ودوره السياسي خصوصاً.فالتنشئة الاجتماعية السياسية تعمل على رفع الوعي السياسي لأفراد المجتمع على وفق قيم معينة ، ليتسنى لهم القيام بأدوارهم السياسية وفقاً لما يمتلكون من قيم ومعارف ورموز واتجاهات سياسية تشكل جميعها الثقافة السياسية للمشاركة في الحياة السياسية.وكون التحول الديمقراطي يقوم على مرتكزات ومحددات أساسية، فالتنشئة الاجتماعية-السياسية هنا يمكن إن ينظر أليها في إطار هذا البحث بوصفها أحد المرتكزات المهمة في تحقيق التحول الديمقراطي. وتقتضي عملية التحول الديمقراطي إن تتوفر لها الظروف والمستلزمات الضرورية لانجازها ، فالديمقراطية أكثر من مجرد اتخاذ قرارات وإجراء انتخابات وتطبيقها بشكل مشروع فهي تتطلب ترسيخ قيم الثقافية الديمقراطية في جميع شرائح المجتمع ، كون فهم طرق الانتخابات وشكل النظام الديمقراطي تبقى منقوصة في ظل تغييب وعي ثقافي – اجتماعي بالقيم الديمقراطية،وان عملية بناء القيم والثقافة الديمقراطية لابد أن تتم من خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية – السياسية السائدة من اجل تحقيق استقرار النظام السياسي وقبوله اجتماعيا .وعليه يمكن القول، أن الديمقراطية التي لا تنشأ عن وعي ثقافي- اجتماعي، بأبعادها وقيمها وشروطها وقواعد ممارستها، إنما هي في واقع الأمر ديمقراطية شكلية مظهرية، ، تفتقر إلى مقومات وجودها واستمرارها، فالديمقراطية التي لا تقوم على وعي المجتمع بالقيم والمعايير الديمقراطية، هي ديمقراطية شكلية غير قادرة على الاستمرار.